مجموع إن وأخواتها ثمانية «إِنَّ، وَأَنَّ،
وَكَأَنَّ، وَلَكِنَّ، وَلَيْتَ، وَلَعَلَّ، وَعَسَى، وَلَا».
على خلاف في عسى ولا، وهل أنَّ فرع عن إنَّ المكسور
الهمزة أم لا.
أما الستة الأولى فتنصب الاسمَ وترفع الخبرَ، وليس
لها إلا هذا العمل عند جماهير النحاة من البصريين، وهو الذي رجحه ابن مالك في
التسهيل، وفي الخلاصة.
وذهب فريق من النحاة إلى جواز نصب المبتدإ والخبر
معا، وكونها لغة في الجميع،
فتقول: (إنَّ زيدًا قائمًا، ولكنَّ زيدًا قائما، وكأن
زيدًا قائمًا، وأَنَّ زيدا قائما، وليت عمرا شاخصا، ولعل زيدا كريما).
وهو قول جماهير الكوفيين، وأَبي عبيد الْقَاسِم بن
سلام، وَابْن الطراوة، وَابْن سِيده، وأبي محمد بن السيد البطليوسي.
واحتجوا على ذلك بما رُوي عن النبي -صلى الله عليه
وسلم-: "إِنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ سَبْعِينَ خَرِيفًا". رواه الحاكم
والبزار وغيرهما بالنصب، وروي " لَسَبْعِينَ"، ورُوي بالرفع "
لسبعون".
وبقول عمر بن أبي ربيعة:
إذَا اسْوَدَّ جُنْحُ الَّليْلِ فَلْتَأْتِ
وَلْتَكُنْ *** خُطَاكَ خِفَافا إنَّ حُرَّاسَنَا أُسْدَا
وبقول الراجز:
إنَّ العَجُوزَ خِبَّةً جَرُوزَا *** تأكلُ كلَّ ليلة
قفيزا
ومثله قول أبي نخيلة:
كَأَنَّ أُذْنَيْهِ إذَا تَشَوَّفَا *** قَادِمَةً
أَوْ قَلَما مُحَرِّفَا
وبقول ذي الرمة:
كَأَنَّ جُلُودَهُنَّ مُمَوَّهَاتٍ *** على أبشارها
ذهبا زلالا
وبقول آخر:
كأن مكاكيه بالجواء حول الدفاليس شربًا ثمالا
وبقول آخر:
ليت الشبابَ هو الرجيعَ على الفتى *** والشيب كان هو
البديء الأول
وبقول آخر:
ليت هذا الليلَ دهرًا
وقول رؤبة:
يَا لَيْتَ أَيَّامَ الْصِّبَا رَوَاجِعَا
وقول آخر:
يا ليته إذ لم يكن حمارا *** لؤلؤةً في الدار أو
مسمارا
وقول آخر:
فليت اليوم كان غرار حولٍ *** وليت اليومَ أيامًا
طوالا
وقول آخر:
سئلت وكان البخل منك سجيةً *** فليتك ذا لونين يُعطي
ويمنع
وَسُمع لَعَلَّ زَيْدًا أَخَانَا
بل زعم ابن سلام أنها لغة جماعة من تميم - هم قوم
رؤبة بن العجاج -، ونسب ذلك أبو حنيفة الدينوري إلى تميم عامة!!.
بينما ذهب الفراءُ إلى جواز نصب خبر ليت وحدها،
ووافقه الكسائي وبعض الكوفيين محتجين بأن أكثر الشواهد وردت في ليت.
وذهب آخرون أن النصب خاص بكأن وليت ولعل.
أما البصريون فردوا على هذه الشواهد بأن النصب على
التشبيه بالحال، أَو على إِضْمَار فِعْلٍ مَعَ حذفِ الْخَبَر، أو على الظرفية كما
في (سبعين).
------------------------------------------
فصارت المذاهب في عملها أربعة:
1- جواز نصب الاسم
والخبر في جميعها.
2- اختصاص نصب
الاسم والخبر بـ (ليت).
3- اختصاص نصب
الاسم والخبر بـ (كأن وليت ولعل).
4- لا يجوز فيها
إلا نصب الاسم ورفع الخبر.
----------------------------
وكتب / أبو زياد محمد بن سعيد البحيري
---------------------------------------
انظر التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (5/28)،
وهمع الهوامع (1/490)، والمقاصد الشافية للشاطبي (2/309)، وشرح الأشموني على
الألفية (1/ 294).
0 التعليقات:
إرسال تعليق