أحوال الفعل المضارع
الدرس الثامن
أحوال الفعل المضارع
مُـضَارِعًا سِمْ بِحُرُوفِ نَـأْتِـي
|
حَيْـثُ لِمَشْهُـورِ الْـمَعَانِي تَـأْتِي
|
|
فَـإِنْ بِمَـعْلُـومٍ فَفَتْحُهَا وَجَبْ
|
إلَّا الـرُّبَاعِيْ غَـيْرُ ضَـمٍّ مُجْتَنَـبْ
|
|
وَمَا قُبَيْلَ الْآخِـرِ اكْسِـرْ أَبَـدَا
|
مِنَ الَّذِي عَلَــى ثَلاَثَــةٍ عَـدَا
|
|
فِيـمَا عَدَا مَا جَاءَ مِنْ تَفَـعَّلَا
|
كَـالْآتِي مِنْ تَفَاعَلَ اوْ تَفَعْــلَلَا
|
|
وَإِنْ بِمَجْهُولٍ فَضَـمُّـهَا لَـزِمْ
|
كَفَـتْحِ سَـابِقِ الَّذِي بِهِ اخْـتُتِـمْ
|
|
وَآخِرٌ لَـهُ بِمُقْـتَضَى الْعَمَـلْ
|
مِنْ رَفْعٍ اوْ نَصْبٍ كَذَا جَزْمٌ حَصَـلْ
|
|
أَمْـرٌ وَنَهْـيٌ إِنْ بِهِ لَامًا تَصِـلْ
|
أَوْ لَا وَسَكِّنْ إِنْ يَـصِحَّ كَلْتَمِــلْ
|
|
وَالْآخِرَ احْذِفْ إنْ يُـعَلّْ كَالـنُّونِ فِي
|
أَمْـثِلَــةٍ وَنُـونُ نِسْوَةٍ تَفِــي
|
شرع
الناظم في بيان أحوال الفعل المضارع.
فقال: (مُـضَارِعًا): مضارع: مفعول به مقدم للفعل (سم)، (سِمْ) أي:
عَلِّمْ.
والمعنى:
عَلِّمْ الفعل المضارع
(بِحُرُوفِ نَـأْتِـي): أي: بواحد من حروف (نأتي) ويقال لها أيضا حروف
(أَنَيْتُ).
قوله
(حَيْـثُ لِمَشْهُـورِ الْـمَعَانِي تَـأْتِي): يعنى: حروف نأتي من حروف المعاني، التي تدل على كون
الفعل مضارعا، فإذا كانت النون أو الهمزة أو التاء أو الياء حروفا أصلية فلا تسمي
حروف نأتي، لأن حروف نأتي زوائد على الماضي للدلالة على معنى، نحو (أَضْرِبُ،
تَضْرِبُ، يَضْرِبُ، نَضْرِبُ).
فالهمزة
تكون للمتكلم، والنون للمتكلم ومعه غيره، أو للمعظم نفسه، والياء للغائب المذكر
مطلقًا مفردًا أو غيره ولجمع الغائبات، والتاء للمخاطب مطلقًا مفردًا أو مثنًى أو
جمعًا أو مذكرًا أو مؤنثًا وللغائبة والغائبين.
قوله:
(فَـإِنْ بِمَـعْلُـومٍ فَفَتْحُهَا وَجَبْ): بمعلوم: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان المحذوفة مع اسمها،
والمعنى: إذا كان الفعل مبنيا للمعلوم فإن حروف نأتي تكون مفتوحة مطلقا
فتحا واجبا، سواء أكان الفعل الماضي ثلاثيا، نحو (ذَهَبَ يَذْهَبُ تَذْهَبُ
نَذْهَبُ أَذْهَبُ)، أو خماسيا، نحو (اِنْطَلَقَ يَنْطَلِقُ أَنْطَلِقُ تَنْطَلِقُ
نَنْطَلِقُ)، أو سداسيا، نحو (اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ تَسْتَخْرِجُ أَسْتَخْرِجُ
نَسْتَخْرِجُ)، (إلَّا الـرُّبَاعِيْ غَـيْرُ ضَـمٍّ مُجْتَنَـبْ): يعنى
إلا الفعل المضارع الرباعي فإنه يكون مجتنبا للفتح، ويكون مضموما، نحو (أَكْرَمَ
يُكْرِمُ نُكْرِمُ تُكْرِمُ أُكْرِمُ)، و(دَحْرَجَ أُدَحْرِجُ تُدَحْرِجُ
يُدَحْرِجُ نُدَحْرِجُ).
قوله:
(وَمَا قُبَيْلَ الْآخِـرِ اكْسِـرْ أَبَـدَا): يعنى: الحرف الذي قبل الآخر من الفعل المضارع اكسره
أبدًا، وصغر قبل إلى قبيل للوزن، ما: اسم موصول في محل نصب مفعول به للفعل
اكسر، (مِنَ الَّذِي عَلَــى ثَلاَثَــةٍ عَـدَا): يعنى: في كل فعل تعدي
وجاوز الثلاثي، سواء كان من الرباعي، نحو (دَحْرَجَ أُدَحْرِجُ تُدَحْرِجُ
يُدَحْرِجُ نُدَحْرِجُ)، أو الخماسي، نحو (اِنْطَلَقَ يَنْطَلِقُ أَنْطَلِقُ
تَنْطَلِقُ نَنْطَلِقُ)، أو السداسي، نحو (اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ تَسْتَخْرِجُ
أَسْتَخْرِجُ يَسْتَخْرِجُ).
ثم
استثنى الناظم بعض الأفعال الرباعية والخماسية فقال: (فِيـمَا عَدَا مَا جَاءَ
مِنْ تَفَـعَّلَا): يعنى: إلا ما جاء عن العرب حال كونه من وزن (تَفَـعَّلَ)
وهو كما سبق بيانه من الثلاثي مضعف العين المزيد بحرفين، فإن الحرف قبل الأخير في
الفعل يكون مفتوحا، نحو (تَعَــلَّمَ يَتَعَلَّمُ).
وكذا
(كَـالْآتِي مِنْ تَفَاعَلَ): من
الخماسي أيضا المزيد بحرفين، نحو (تَـجـاهَـلَ يَتَجَاهَلُ)، (اوْ تَفَعْــلَلَا): من الخماسي المزيد على الرباعي على وزن (تَـفَعْـلَـلَ)،
وزاد الألف للإطلاق، مثل (تَدَحْرَجَ يَتَدَحْرَجُ)، أصله من الرباعي (دَحْرَجَ)،
وهذه الأوزان الثلاثة زِيدتْ عليها التاء.
هذا إن كان الفعل للمعلوم، فإن
كان للمجهول كما قال الناظم فلا بد من ضم حروف المضارعة (نأتي) ويفتح الحرف الذي
قبل آخر الفعل، وإليه أشار بقوله: (وَإِنْ بِمَجْهُولٍ فَضَـمُّـهَا لَـزِمْ *** كَفَـتْحِ
سَـابِقِ الَّذِي بِهِ اخْـتُتِـمْ)
يعنى: وإن كان الفعل مغير الصيغة
فضمُّ حروف نأتي واجب، كما أن فتحها في المبني للمعلوم في غير الرباعي واجب، حتى
لا يلتبس نائب الفاعل بالفاعل، نحو (يُضْرَبُ، ويُدَحْرَجُ، ويُنْطَلَقُ، ويُسْتَخْرَجُ).
قوله: وَآخِرٌ لَـهُ بِمُقْـتَضَى الْعَمَـلْ): يعنى: أن آخر الفعل المضارع يتغير لاختلاف العوامل
الداخلة عليه، فقد يكون مرفوعا، أو مجزوما، أو منصوبا، وهذا محله كتب النحو،
والناظم ذكره من تتميم الفائدة بإشارة دون تفصيل.
قوله: (مِنْ رَفْعٍ اوْ نَصْبٍ كَذَا جَزْمٌ حَصَـلْ):
يعنى: إما أن يكون الفعل مرفوعا إذا تجرد عن الناصب والجازم،
أو ويكون منصوبا إذا دخل عليه ناصب من النواصب، أو يحصل فيه الجزم إذا دخل عليه
جازم من الجوازم.
ثم شرع
في بيان أن الفعل المضارع قد يكون أمر أو نهيا، وهذا اصطلاح خاص ببعض الصرفيين
والأصوليين، وإلا فنفس الفعل المضارع ليس أمرا ولا نهيا، وإنما الأمر والنهى
يستفاد من دخول لام الأمر ولا الناهية على الفعل المضارع، ولذلك لا يسمى الفعل
المضارع أمرا أو نهيا عند النحاة.
فقال:
(أَمْـرٌ وَنَهْـيٌ إِنْ بِهِ لَامًا تَصِـلْ أَوْ لَا):
لَامًا: مفعول به مقدم للفعل (تصل)، وسكن اللام في تصل للوزن،
أي: إن تصل بالمضارع لاما، وهي لام الأمر، والضمير فى (به) يعود على الفعل
المضارع، والمعنى: أن الفعل المضارع قد يكون أمرا إذا دخل عليه لام الأمر،
نحو (لِتَفْعَلْ)، كما قال تعالي﴿ ثم لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا
نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾الحج (29).
أو يكون
نهيا إذا دخلت عليه لا الناهية، نحو (لا تَفْعَلْ)، كما قال تعالي﴿
لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
﴾لقمان (13)، وقد أشار إلى لا الناهية
بقوله (أَوْ لَا)، والواو في قوله (أَمْـرٌ وَنَهْـيٌ) بمعنى أو.
وقوله:
(وَسَكِّنْ إِنْ يَّصِحَّ كَلْتَمِل): يعنى: في الحالتين سواء في حالة الأمر أو النهي يكون آخر
الفعل المضارع ساكنا، بشرط أن يكون صحيح الآخر، نحو قوله تعالي﴿ لَا
تُشْرِكْ ﴾، وقوله
تعالي﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ﴾الطلاق:
7.
وقد ضرب الناظم مثالا بقوله: (كَلْتَمِل) أصله (تَـمِيلُ) من مَالَ يَمِيلُ ميلًا، والأشهر دخول
لام الأمر على المضارع المبدوء بالياء لا التاء، ويجوز كما مثَّلَ الناظم، وهو
قليل، فلو قال الناظم (كلْيَمِلْ) لكان أحسن.
فإذا كان
الفعل معتل الآخر بالواو أو بالألف أو بالياء فيُحذف حرف العلة في حالة الجزم كما
أشار إليه بقوله: (وَالْآخِرَ احْذِفْ إنْ يُـعَلّْ)، نحو: (لِتَخْشَ، ولا
تَـخْـشَ)، (ولِتَـرْمِ، ولا تَرْمِ)، (ولِتَدْعُ، ولا تَدْعُ).
كما قال
تعالي﴿ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾الإخلاص (4).
وقوله تعالي﴿ وَلْتَكُنْ
مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ﴾آل عمران: 104.
وقوله تعالي﴿ فَلَا تَدْعُ
مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾الشعراء: 213.
وقوله تعالى﴿ وَإِذَا لَمْ
تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا ﴾الأعراف: 203.
وقوله تعالى﴿ وَلَمْ يَخْشَ
إِلَّا اللَّهَ ﴾التوبة: 18.
قوله:
(إنْ يُـعَلّْ كَالـنُّونِ فِي أَمْـثِلَــةٍ): يعنى: فإن كان من الأمثلة الخمسة فتحذف النون حال الجزم
كما يحذف حرف العلة، وتُحذف أيضا حال النصب.
نحو قوله
تعالى﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾النساء (36).
أما إذا
اتصل بالفعل نون النسوة فلا تحذف بحال، لكون نون النسوة فاعلا، وليست بعلامة إعراب
حتى تحذف، وقد أشار إليه بقوله: (وَنُـونُ نِسْوَةٍ تَفِـي).
ويكون
الفعل المضارع حينئذ مبنيا على السكون.
نحو قوله
تعالي﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾النور: 31.
وقوله
تعالي﴿ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ
زِينَتِهِنَّ ﴾النور: 31.
الفعل الأمر وأحوال بناءه وكيفية اشتقاقه من الفعل
المضارع
وَبَدْأَهُ احْذِفْ يَكُ أَمْرَ حَاضِرِ
|
وَهَمْزًا انْ سُكِّـنَ تَـالٍ صَــيِّرِ
|
|
أَوْ أَبْـقِ إِنْ مُحَرَّكًا ثُمَّ الْتَزِمْ
|
بِنَـاءَهُ مِثْلَ مُـضَارِعٍ جُـــزِمْ
|
شرع
الناظم في بيان كيفية اشتقاق الأمر من المضارع.
والفعل
الأمر مشتق من المصدر بواسطة المضارع والماضي، كما أن المضارع مشتق من المصدر
بواسطة الماضي.
فقال:
(وَبَدْأَهُ احْذِفْ يَكُ أَمْرَ حَاضِرِ):
وَبَدْأَهُ: مفعول به مقدم للفعل احذف، والضمير فيه يعود على الفعل
المضارع.
يَكُ: فعل مضارع ناقص مجزوم لوقوعه في جواب الطلب، وجزمه حذف
حرف العلة الواو، وحذف النون فيه للتخفيف، وحذفها جائز، أصله (يَكُنْ).
واسم
يَكُ: ضمير مستتر تقديره هو
يعود على الفعل المضارع، (أَمْرَ) خبر يَكُ.
والمعنى: إذا أردت أن تشتق الفعل الأمر من المضارع فاحذف بدأ
الفعل المضارع الذي هو حرف المضارعة، وهي حروف (نأتي).
ثم تنظر
إلى الحرف التالي للفعل المضارع فإن كان حرفا ساكنا فتأتي بهمزة وصل لتعذر النطق
بالساكن، وأشار إليه بقوله (وَهَمْزًا انْ سُكِّـنَ تَـالٍ صَــيِّرِ).
وَهَمْزًا: مفعول ثانٍ مقدم للفعل صَــيِّرِ، والمفعول الأول
محذوف تقديره الحرف، والوا في الأصل داخلة على الفعل صير.
تَـالٍ: نائب فاعل للفعل سُكِّـنَ وهو مرفوع، ورفعه ضمة مقدرة
على آخره على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين.
فالمعنى: وصَــيِّرِ أنت أيها الصرفي حرفَ المضارعة همزًا إن
سُكِّـنَ الحرف التالي لحرف المضارعة.
مثال ذلك: الفعل (يَضْرِبُ) تحذف حرف المضارع فيصير (ضْرِبُ)،
الضاد كما تري ساكنة، فتأتي بهمزة الوصل للنطق فتقول (اضْرِبُ).
قوله:
(أَوْ أَبْـقِ إِنْ مُحَرَّكًا): يعنى: أبق الحرف التالي لحرف المضارعة كما هو إن كان متحركا،
مثل (يُدَحْرِجُ)، حرف الدال التالي لحرف المضارعة متحركا بالفتح، فتبقيه
كما هو وتحذف حرف المضارعة، فتقول في الأمر (دَحْرِجْ).
قوله:
(ثُمَّ الْتَزِمْ بِنَـاءَهُ مِثْلَ
مُـضَارِعٍ جُـــزِمْ): يعنى: بعد أن
تحذف حرف المضارعة وتأتى بالأمر التزم أيها الصرفي بناء الفعل الأمر، وهو يبنى على
ما يجزم به مضارعه في الجملة، عُلِمَ إذن أن الفعل الأمر يكون مبنيا خلافا
للكوفيين.
وأحوال
بناءه: (إما على السكون إن كان
صحيح الآخر، (كاضْرِبْ) أو إذا اتصلت به نون النسوة (كاضْرِبْنَ).
وإما على
حذف حرف العلة إن كان معتلا، نحو (ادْعُ اخْشَ ارْمِ)، وإما على حذف النون إن كان
من الأمثلة الخمسة، نحو (اكتبوا، واكتبي، واكتبا).
ويبنى على الفتح إذا اتصل به نون التوكيد، نحو
(اضْرِبَنَّ، واضْرِبَنْ).
وكتبه / أبو زياد محمد بن سعيد البحيري
0 التعليقات:
إرسال تعليق