نحوَ نحوٍ جديد (4)!!
المنصوب بالصرف عن جهته
=================
كقولك: «لا أجلسُ وتقومَ، ولا أذهبُ وتأتيَ، ولا أنامُ
وتستيقظَ»، فالذي يجوز في تشريك المظهر للمضمر إجراؤه معه في كل مضمر إلا المضمر
المتصل المصروف عن جهته، فحين أسقطتَ المضمر الذي هو «أنتَ»، نَصَبْتَ؛ لأن معناه:
«لا أجلسُ وأنت تقومُ، ولا أذهبُ وأنت تأتيُ، ولا أنامُ وأنت تستيقظُ»، فلما
أسقطتَ ضمير الكناية وهو «أنت» نصبت؛ لأنه مصروف عن جهته.
ولا يجوز بعد صرفه حينئذ أن يُعطف عليه إلا بالتوكيد،
فلا تقول: «لا أجلسُ وتقومَ أنتَ». بإظهار الفاعل؛ لأنه لا فاعل للفعل وهذا حاله؛
إذ لا يحمل الفعل المصروف حينئذ عنه ضمير الكناية فاعلا وضميرا في نفسه، وإنما
يُذكر لتوكيد الكناية المصروف عن جهته.
==================
مثال ذلك قوله تعالى: (فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى
السَّلْمِ) وقوله تعالى: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا
الْحَقَّ) فمعناه: «وأنتم تدعون إلى السلم، وأنتم تكتمون الحق».
لكنه حين تُرك «أنتم» نصبتَ؛ وموضع الجملة حينئذ من
المضمر المحذوف وفعله هو الحال.
ومحل الواو حينئذ حرف دال الجماعة لا فاعل لما عرفتَ
سابقا.
=========================
أما القول: بأن موضعه الجزم على معنى ترك لا الأخرى؛
لدلالة الأولى عليها، أي: «ولا تلبسوا الحق بالباطل ولا تكتموا الحق»، فضعيف؛ إذ
الأبلغ إلباسهم الحق بالباطل حالة كونهم يكتمون الحق، أما الجزم فيصدق عليهم أحد
الفعلين من غير وجود الآخر معه.
====================
ومن المصروف عن جهته أيضا قول الله تعالى (بَلَى
قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ) معناه: بلى نحن قادرون، فنصب «قادرين»
لترك المضمر ولدلالته عليه، أو «بلى نقدر» فصرف من الرفع إلى النصب، والقول بحذف
«كان» ضعيف.
وقول المتوكل الكناني:
لا تنه عن خلق وتأتيَ مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم
نصب «تأتي» على ترك أنت.
وقول الفرزدق:
على حلفة لا أشتم الدهر مسلمًا *** ولا خارجًا من في وزر
كلام
فنصب خارجا لأنه مصروف عن جهته، فمعناه «ولا يخرج»
فلما صرفه عن جهته نصبه، والله أعلم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق