إعراب الجمل السبعة التي لها محل من الإعراب

  • اخر الاخبار

    الأحد، 22 ديسمبر 2024

    نحو نحو جديد (11) ما الذي جَرَّ تمييزَ «كم» الاستفهامية؛ في نحو: «بِكَمْ دِرْهَمٍ اشتريتَ»؟!




    نحو نحو جديد (11)
    ما الذي جَرَّ تمييزَ «كم» الاستفهامية؛ في نحو: «بِكَمْ دِرْهَمٍ اشتريتَ»؟!
    =======================
    الأصل في تمييز «كم» الاستفهامية أن يكون منصوبا كمُمَيَّـزَ عشرين، ونظائره؛ بأن يكون مفردا منصوبا، بل الأصل في التمييز كله أن يكون منصوبا، ولا يُجر إلا في حالات، من ذلك إذا دخل على «كم» حرف جر، نحو: «بِكَمْ دِرْهَمٍ اشتريتَ».

    فإذا قلت: بكم درهمٍ اشتريتَ؟
    فدرهمٍ: عند جمهور النحاة مجرور بحرف جر مقدر، تقديره (مِنْ)!

    قال ابن مالك في الخلاصة:
    مَيِّزْ فِي الِاسْتِفْهَامِ «كَمْ»: بِمِثْلِ مَا *** مَيَّزْتَ «عِشْرِينَ» كَـ «كَمْ شَخْصًا سَمَا؟»
    وَأَجِزَ انْ تَجُرَّهُ «مِنْ» مُضْمَرَا *** إِنْ وَلِيَتْ «كَمْ» حَرْفَ جَرٍّ مُظْهَرَا.

    بينما ذهب أبو إسحاق الزجاج إلى أن «كم» مضافة، وما بعدها «مضاف إليه» كدرهم في المثال المتقدم، وهو قول لم يرتضه جمهور المتأخرين من النحاة؛ إذ لا يُضاف عندهم من أسماء الاستفهام غير «أيٍّ»؛ ولأنه لو كان بإضافة «كم» حملًا على الخبرية كما زعم بعضهم، لم يشترط في ذلك دخول حرف جر على «كم»، ولأضيفت في الحالتين إذ لا مانع!!، ولأن «كم» بمنزلة عدد ينصب ما بعده على التمييز ولا يخفضه.

    ==================
    والأظهر عندي أن جَرَّ «درهمٍ» إنما هو بحركة العارية، ولا أعلم أن أحدا من النحاة سبقني لهذا القول.

    لذا قلتُ ضمن زياداتي على طرة ابن بونا:
    وذهب الزجاج للإضافه *** كما تقول: أيَ شيء خافهْ
    تقول ذا: بكمْ جنيهٍ اشترى *** وكم دماءٍ قد تورات بالثرى
    والأظهرَ انَّ الجَرَّ لِلْعَاريَّهْ *** كــ «قَامَ محمودٌ بِلَا هَوِيَّهْ»
    ================
    فالأظهر عندي: أن جَرَّ «درهمٍ» إنما هو بحركة العارية؛ إذ سوغ ذلك بناء «كم»، وعدم ظهور الإعراب عليها، فانتقل حكم الجر من الميم في «كم» إلى الميم في «درهمٍ»، كما فعلو في «لا»؛ في نحو قولهم: «رأيت زيدا نائما بِلَا غطاءٍ، وقَفَزَ زيدٌ بلا هَوِيَّةٍ»، قال الشاعر:
    ‌ما ‌المستفِزُّ ‌الهوى محمودَ عاقبةٍ *** ولو أُتِيحَ له صفوٌ بلا كَدَرِ
    =================
    وهذا قول لم أسبق إليه فيما أعلم، وقد ذكرتُه لأحد أشياخي منذ أكثر من 15 سنة فتعجب منه، ولم يجد ما يدفعه به يقينا؛ إذ القواعد تحتمله.
    ================
    وإنما قلتُ ذلك لأشياء:
    الأول: تغيير إعراب «درهمٍ» مع اختلاف العامل، لأنك تقول: «كم درهمًا»، و «بكم درهمٍ»، وهو معنى الإعراب؛ فإذا لم تكن الباءُ الجارة مؤثرةً لما تغير الإعراب في «درهمٍ» فافهم.

    الثاني: أن العامل تخطى «كم» لكثرة الاستعمال، فجر «التمييز» الذي هو «درهمٍ» في المثال المذكور.

    الثالث: أن «كم» أشبهت الحرفَ في وضعها على حرفين آخرهما ساكن، كـ «مَا، ومِنْ»، فحينئذ نُقل الإعراب منها إلى ما بعدها فصارت كأنها نسيا منسيا، كما فعلوا في مدخول «أل الموصولية»، في نحو: «مررتُ بالضاربِ زيدٍ»، فالأصل أن تكون «أل» الموصولة هي المجرورة بالباء وليس الضارب؛ إذ العامل الذي هو «الباء» مباشر لها، ومع ذلك قد تخطاها العامل فجر صلتَها، وهو «الضارب»، فصار ذلك الدخول نسيا منسيا؛ لأنها موضوعة على صورة «أل» الحرفية.

    الرابع: أن يكون العامل ملفوظا به مذكورا أولى من تقديره «مِنْ» دائما، كما فعلوا في المضاف والمضاف إليه؛ إذ جعلوا الإضافة على معنى «من، أو في، أو اللام» وجعلوا العامل هو نفس المضاف، أو الإضافة، وردوا حينئذ على من قال: إن العامل هو حرف الجر المحذوف!!

    الخامس: الأصل في الحرف ألا يعمل محذوفا، ثم إن عمل محذوفا كان عمله محذوفا سماعيا، لا أن يُجعل أصلا مطردا.
    ================
    فنقول حينئذ على القول المختار في إعراب: (بكم درهمٍ اشتريتَ):
    بكم: الباء: حرف جر.

    كم: اسم استفهام مجرور بالباء، وقد ظهر إعرابه على «درهمٍ» بطريق العارية، والجار والمجرور متعلقان بالفعل «اشتريت»، والمجرور فقط الذي هو «كم» في محل نصب مفعول به مقدم للفعل اشتريتَ.

    ودرهمٍ: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل «الذي هو الميم» بحركة العارية، والله أعلم.


    التالي
    هذه اخر تدوينه
    رسالة أقدم
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: نحو نحو جديد (11) ما الذي جَرَّ تمييزَ «كم» الاستفهامية؛ في نحو: «بِكَمْ دِرْهَمٍ اشتريتَ»؟! Rating: 5 Reviewed By: محمد سعيد البحيري
    إلى الأعلى