إعراب الجمل السبعة التي لها محل من الإعراب

  • اخر الاخبار

    الاثنين، 18 نوفمبر 2024

    تَعْرِيفُ الكَلَامِ في لسان العرب، وعند النحاة، وتصحيح خطإ أكثر النحاة المتأخرين والمعاصرين في تعريف الكلام لغة !!



    تَعْرِيفُ الكَلَامِ (1) في لسان العرب، واصطلاحا عند النحاة، وتصحيح خطإ أكثر المعاصرين في تعريف الكلام لغة !!
    -------------------------------

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله

    أما بعد

    فالكَلَامُ لُغَةً: نُطْقٌ مُفْهِمٌ، كذا قال سيبويه في "الكتاب"، وابنُ فارسٍ في "مقاييس اللغة"، وابن جني في "الخصائص"، وهو اسمُ مصدرٍ مِن «كَلَّمَ يُكَلِّمُ تَكْلِيمًا وَكَلَامًا»، وهو اسْمُ جِنْسٍ؛ لأنه يَقَعُ عَلَى القَلِيلِ والكَثِيرِ.

    وليس الكلامُ في اللغة بِصَادِقٍ على ما كان مكتفيا بنفسه مما يفيد إفادة الكلام، كما يقول صاحب القاموس، فهذا مما لا تعرفه العرب؛ إذ كلُّ ما أفاد فائدةَ الكلامِ لا يُسمى كلاما حقيقة في اللغة؛ إلا مجازا، خلافا لِمَا يُقَرِّرُهُ أَكْثَـرُ المُتَأَخِّرِينَ، وهي سبعةُ أشياء: «الخطُّ، والإشارةُ، والكتابةُ، والعلامات أو النصب، ولسانُ الحالِ، وحديثُ النفسِ» فهذا كله لا يسمى كلاما في اللغة حقيقة كما بينتُه مبسوطا في حاشيتي على شرح ابن عقيل المسماة "بالقول الجميل على شرح ابن عقيل".

    قال سيبويه رحمه الله (1/ 122):
    واعلم أَنَّ " قُلْتُ " إنما وقعتَ في كلام العرب على أن يُحْكى بها، وإنما تَحْكِى بعدَ القول ما كان كلامًا لا قولًا، نحو قلتُ: زيدٌ منطلقٌ، لأنه يَحْسُنُ أن تقول: زيدٌ منطلقٌ، ولا تُدخلُ " قلتُ ". وما لم يكن هكذا أسقط القول عنه ".
    فقوله: "اعلم أن قلت إنما وقعت في كلام العرب على أن يحكى بها، وإنما تحكى بعدها ما كان كلاما" نص واضح من إمام النحاة أن ما بعد قلت ومشتقاته لا بد من أن يكون مركبا من مسند ومسند إليه، وهذه حقيقة الكلام في لسان العرب، فلا يقع بعد قلت في لسان العرب «إلا الجمل التامة؛ اسمية كانت أو فعلية»، فتقول: قلتُ: «زيد منطلق» أو قلت: «جاء زيد»، ولا يصح أن تقول: قلت: «زيد» فقط، أو «جاء فقط»، مع أن كل من قلت وجاء مفردات عربية، وهي مع ذلك لا تسمى كلاما في اللغة!! بل تسمى قولا فقط؛ ذلك أن الإسناد لم يتم؛ ولأن العرب لا تعرف النطق بالمفردات، بل بالتراكيب، وقد احتجنا بعدهم للبحث في المفردات حتى نفهم المركبات، أما العربي الفصيح فلا ينطق بالمفرد مجردا عن التركيب، ولذلك لم يفرق إمام النحاة بين الكلام في اللغة والكلام عند النحاة، فتأمل يرعك الله.

    فقال ابن مالك في شرح التسهيل مقررا لكلام سيبويه (1/6):
    صرح سيبويه في مواضع كثيرة من كتابه بما يدل على أن الكلام لا يطلق حقيقة إلا على الجمل المفيدة في مواضع كثيرة، فمن ذلك قوله: "واعلم أن قلتُ في كلام العرب إنما وقعت على أن يحكى بها ما كان كلاما لا قولا" عَنَى بالكلام الجمل، وبالقول المفردات، ولا يريد أن القول مخصوص بالمفردات، فإن إطلاقه على الجمل سائغ باتفاق.

    وقال ابن جني في "الخصائص" (1/19):
    أما الكلام فكل لفظ مستقلٍّ بنفسه، مفيدٍ لمعناه. وهو الذي يسميه النحويون الجُمَلَ، نحو: «زيد أخوك، وقام محمد، وضرب سعيد، وفي الدار أبوك، وصه، ومه، ورويدا، وحاءِ، وعاءِ في الأصوات، وحَسِّ، ولَبِّ، وأُفٍّ، وأَوَّهْ»، فكل لفظ استقل بنفسه، وجنيت منه ثمرة معناه فهو كلام!!.... ثم نقل كلام سيبويه السابق مقررا له، ثم قال بعدها: فتمثيله بهذا يعلم منه أن الكلام عنده ما كان من الألفاظ قائمًا برأسه مستقلًا معناه وأن القول عنده بخلاف ذلك إذ لو كانت حال القول عنده حال الكلام لما قدم الفصل بينهما ولما أراك فيه أن الكلام هو الجمل المستقلة بأنفسها الغانية عن غيرها وأن القول لا يستحق هذه الصفة من حيث كانت الكلمة الواحدة قولًا وإن لم تكن كلامًا.

    =========================
    فتحصّل إذن:
    أن الكلام عند أئمة العربية المتقدمين ما كان نطقا مفهما مستقلا بنفسه من الألفاظ، وأن النطق بالمفردات يُسمى قولا لا كلاما، وبالتراكيب الاسمية والفعلية يسمى كلاما، ولا يكون الكلام في لسان العرب إلا كذلك، فعلمنا حينئذ «أن الكلام النفسي، والإشارة، والكتابة، والعلامات، أو النصب، ولسان الحالِ، وجميع القرائن المفهمة» لا تسمى كلاما في اللغة؛ قال ﷺ فيما رواه البخاريُّ وغيرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ»، فجعل النبيُّ ﷺ الكلامَ لا يكونُ إلا لفظا.

    أمّا ما في النفس فلا يُسمى كلاما؛ بل يسمى حديثا وقولا مقيدا بالنفس، إذ لو كان كلاما لكان المعنى: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا تَكَلَّمَتْ مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ»، ولا يقول بذلك عاقل.

    وقول الشاعر:
    فصَبَّحَتْ، ‌والطيرُ ‌لَمْ ‌تَكَلَّمِ *** خابِيةً طُمَّتْ بِسَيْلٍ مُفْعَمِ

    وقول الآخر:
    فقالت له العينان سمعا وطاعة *** وحدَّرتا كالدُّرِّ ما لم يثقَّب

    وقوله:
    أَشارَتْ بِطَرْفِ الْعَيْنِ خِيفَةَ أَهْلِهِا *** إشارَةَ مَحْزُونٍ وَلَمْ تَتَكَلَّمِ

    وقول أبي النجم العجلي:
    قالت له الطير تقدم راشدا *** إنك لا ترجع إلا حامدا

    وقول الراجز:
    امتلأ الحوض وقال قَطْنِي *** مهلا رويدا قد ملأت بطني

    وقول الآخر:
    بَيْنَمَا نَحْنُ مُرْتِعُونَ بِفَلْجٍ *** قالتِ الدُّلَّحُ الرِّوَاءُ ‌إِنِيهِ
    إنيه: صوت رزمة السحاب وحنين الرعد.

    فهذا كله مجاز، واتساع من القول، لا كلاما حقيقة؛ إذ القول أعم. ألا ترى أنهم يسمون الرأي، والاعتقاد قولا، وإن لم يكن صوتًا.

    ========================
    ويوضح هذا أن الحال المعبرة يُطلق عليه كلام مجازا واتساعا، وإن لم يكن ثم كلام، كما قال عنترة يصف فرسه:

    لو كانَ يَدري ما المحاورةُ اشتكَى *** ولكانَ لو عَلِمَ الكلامَ مُكلِّمِي

    فصرح أنه لو كان يعلم الكلام لكلمه، فجعلا لحال المعبرة بمنزلة الكلام، وإن لمكن تكن كلاما حقيقة، ووضوح هذا يغني عن إيضاحه، وقد رددت على ابن هشام وغيره، وبسطت القول فيه في حاشيتي على شرح ابن عقيل.

    ومعلوم أن القلمَ يقوم مقامَ الكلامِ في إيصال المراد، وليس المرادُ أنَّ مَنْ كَتَبَ يُسمى متكلما، فلو أن رجلا كتب: أشهد ألا إله إلا الله، ولم ينطق بها، فلا يُسمى متكلما بالاتفاق!

    ولو حلف ألا يتكلم ثم كتب لم يكن لعربي فصيح أن يقول: بأنه متكلم!
    ولو أن رجلا أخرس كتب بيده، لم يكن لعاقل أن يقول عنه: متكلم.

    =========================
    واقد اتفق العلماء على أن من لم يتلفظ بقول: «لا إله إلا الله» وهو قادرٌ على النطق بها لم يَقُلْهَا، ولا يُسمى قائلا، وليس بمؤمن، ولو قالها في نفسه.

    فلا يكون الكلام كلاما إلا إذا كان نطقا مفهما؛ بأن يكون بألفاظٍ وحروفٍ تدل على المعاني، وذلك باتفاق أئمة العربية، ولم يَنْقُلْ سيبويهِ خلافَه عن العرب.
    وقد أجمع العقلاءُ على أنَّ الساكتَ والأخرسَ لا يُسمى كلٌّ منهما متكلمًا، مع أن كلًّا منهما يحدثُ نفسَه!

    واتفقوا على أنَّ مَن حلف ألا يتكلمَ، فإنه لا يحنثُ بحديث النفس، ولا بالكتابة، ولا بالإشارة، ولا بالنصب، وإنما يحنثُ بالكلام فقط؛ لأن هذه حقيقة الكلام.
    إذن الكتابةُ والإشارةُ وعقدُ الأصابعِ ولسانُ الحال وحديث النفس والنصبُ كلُّها تُفِيدُ إِفَادَةَ الكلامِ وليست بكلام، لا في اللغة ولا عند النحاة المتقدمين، فالكلامُ لا يكون كلاما إلا بنطقٍ مفهم، حتى النطق بالمفردات لا يسمى كلاما!! فكيف إذا لم يكن نطقا، والله أعلم.

    ===================================
    واصطلاحا: هو اللفظ المُرَكَّب المفيد بالوضع.
    هذا الحد ذكره أبو موسى الجزولي في "الجزولية"، وبه قال ابن مُعط في "الفصول الخمسين"، وهو الذي اعتمده بن آجرُوم في هذه "الآجرُومية"، فليس هو حد ابن آجرُوم كما يقول بعض المتأخرين، وإنما أول من ذكره -فيما أحسب- هو أبو موسى الجزولي، وهو أحسن الحدود التي لا اعتراض عليها.

    فاللفظ:
    الصوت المُشتمل على بعض الحروف الهجائية، تحقيقا؛ كـ «زَيْدٍ»، أو تقديرا؛ كالضميرِ المستترِ في «افْعَلْ، وَنَفْعَلُ»، أو منويا، كالمحذوف في جواب «مَنْ قَامَ»؟ سواء كان الحذف واجبا، أو جائزا، مستعملا كان اللفظ أو مهملا.
    فالمستعمل: ما نطقت به العرب؛ كـ «زيدٍ».
    والمُهْمَلُ: ما تركته العرب فلم تنطق به؛ كـ «دَيْزٍ» مَقْلُوبَ زيد.

    فخرجَ إذن باللفظِ شيئان:
    الأول: ما أفاد فائدة اللفظ ولم يكن لفظا؛ كـ «الكتابةِ، والإشارةِ، والعلاماتِ، وعقدِ الأصابع» فكلها لا تُسمى ألفاظا، لا في اللغة، ولا في الاصطلاح.
    والآخر: أصواتُ البهائم، والحيواناتِ، والطيورِ، والهواء، والماءِ، وغيرِ ذلك؛ لأنها أصواتٌ لم تشتمل على شيء من حروف الهجاء.

    والمُرَكَّب:
    أن يكون مُرَكَّبا من كلمتين فأكثر، تحقيقا، أو تقديرا، فإذا قلت: «زيدٌ أَبُوهُ»، كان مُرَكَّبا من كلمتين تحقيقا، أو قلت: «قام»، أي: «قم أنت» فهو مركب أيضا من كلمتين، إحداهما مذكورة، وهي الفعل «قام»، والأخرى مُقَدَّرة، وهي الفاعل، الذي تقديره هو.

    ودخل في التركيب: جميع المركبات، وخرج به: المفردات؛ كـ «زيد»، وما سُرِدَ من الأعداد؛ كـ «واحد، اثنان إلخ».

    والمفيد:
    ما أفاد فائدة يَحسُن سكوت المتكلم عليها، نحو: «زيدٌ أين، وحال عمرو كيف»!!
    ومع ذلك لم يكن كلاما؛ لأنه افتقد للركن الرابع وهو الوضع كما سيأتي.

    فخرج بالمفيد ثلاثة أشياء:
    الأول: جميع المركبات «كالمركب الإسناديِّ المُسَمَّى به، والمركب الإسناديِّ المقصودِ لغيره، والمركبِ العددي، والمركبِ التقييدي، والمركبِ المزجي، والمركبِ الإضافي، والمركبِ العَطْفِي، والمركبِ البياني»، فكلُّ هذه المركباتِ ليست مفيدة.

    فلو قلتَ: «غُلَامُ زَيْدٍ» أو «أَحَدَ عَشَرَ»، أو «حَيَوَانٌ نَاطِقٌ»، أو «زيدٌ العَالِمُ»، أو «تَأَبَّطَ شَرًّا»، أو «بَعْلَبَكّ»، أو «زَيْدٌ وَعَمْرٌو»، أو «المَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ»، أو «أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ» لم يكن شيء من ذلك كلاما؛ لأنه ليس مفيدا وإن تركب من كلمتين؛ إذ ما زال السامع منتظرا أن تقول: «جَاءَ غُلَامُ زَيْدٍ»، و «رأيتُ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا»، و«الإنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ» و«جَاءَ زيدٌ العَالِمُ»، و«هذا تَأَبَّطَ شَرًّا»، و«دَخَلْتُ بَعْلَبَكَّ»، و«جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو»، و«سَجَدَ المَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ»، و«حَضَرَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ»...إلغ.

    والثاني: اللفظ المهمل، نحو: «دَيْزٍ» مقلوبَ زيد، فإن العرب أَهْمَلَتْهُ. ولك أن تقول: خرج المهمل باشتراط الوضع كما سيأتي.

    والأخير: ما لم يكن مؤلفا من التراكيب؛ بأن لا توجد مناسبة بين المركبين، نحو: «مات الجدار»؛ إذ لا توجد مناسبة بين الموت وبين الجدار، فهذا مركب غير مؤلف.

    ولم يدخل في المُفِيدِ إلا المركبُ الإسناديُّ التَّامُّ، أي: المَقْصُودُ لذاته.
    والوضع.

    إن اشترطناه، ولم يكن داخلا في المفيد فالمراد به عند النحاة -على الصحيح- شيئان:
    الأول: أن تكون الألفاظ التي يتركب منها الإسنادُ من الألفاظ التي استعملتْها العربُ للدلالة على معنى معين.

    والآخر: أن يكون أصل التركيب مستعملا في لسان العرب؛ كما لو قلتَ: زيدٌ كَرِيمٌ، فكلٌّ من «زيد، وكريم» لفظٌ استعملته العرب، كما أن صورة تركيبه من التراكيب العربية.

    فخرج بالوضع شيئان:
    الأول: ما لم يكن من وضع العرب، كلغة الروم، والبربر، وغيرِ ذلك.
    والآخر: كلُّ تركيب لم تضعه العرب وإن كان مركبا من الألفاظ العربية، مثلا: الْتَـزَمَتِ العربُ تصديرَ الكلام في الاستفهام بنحو: «أَيْنَ، وَكَيْفَ»، فتقول: «أَيْنَ زَيْدٌ؟، وكَيْفَ حَالُك؟

    فإذا قلتَ: «زيدٌ أَيْنَ، وَحَالُك كَيْفَ» لم يكن كلاما، مع أنه صوت مشتمل على بعض الحروف الهجائية، مركب من كلمتين فأكثر، مُفِيد للسامع؛ إذ السامع فَهِمَ مُرَادَ المُتَكَلِّمِ، وهو السؤال عن مكان زيد وحالك، لكنه وهو مع ذلك ليس بكلام؛ لأنه فَقَدَ رُكْنًا من أركان الكلام وهو الوضع، فلم يكن كلاما حينئذ، ولا يكون كلاما حتى تقول: أين زيد؟، وكيف حالك؟، والله أعلم
    ================
    (1)
    من كتاب (السر المكتوم في شرح مقدمة ابن آجروم) يسر الله إخراجه.


    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: تَعْرِيفُ الكَلَامِ في لسان العرب، وعند النحاة، وتصحيح خطإ أكثر النحاة المتأخرين والمعاصرين في تعريف الكلام لغة !! Rating: 5 Reviewed By: محمد سعيد البحيري
    إلى الأعلى