السبت، 28 أبريل 2018
الخميس، 26 أبريل 2018
الأربعاء، 25 أبريل 2018
الثلاثاء، 24 أبريل 2018
هل يجوز فصل المضاف عن المضاف إليه؟
سؤال من أحد الإخوة:
سؤال في النحو لو سمحت.. هل يجوز فصل المضاف عن المضاف اليه ...
مثلا هل نقول: «لقيتُ عمَّ وجَارَ زيدٍ»، أم الأصح أن نقول: «لقيت عَمَّ زيدٍ
وجارَهُ».
==================================
ج: حياك الله أخي.
هما مسالتان:
الأولى: مطلق الفصل بين المضاف والمضاف إليه.
والثانية: الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالعطف خاصة على المضاف.
===============================
أما عن الأولى فقد ذهب جماهير النحاة إلى أن الفصل بين المضاف والمضاف إليه شاذ،
لا يجوز إلا في ضرورة الشعر؛ كما في قول الشاعر:
فَسُقْنَاهُمْ سَوْقَ البُغَاثَ الأَجَادِلِ
وذهب بعضهم إلى أنه ليس بشاذ، بل مقيس.
==============================
أن ما يجوز في الشعر والنثر له ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى:
أن يكون المضاف مصدرا، والمضاف إليه فاعله، وألا يخرج الفاصل عن أن
يكون: «مفعولَ المضاف»، كما في قراءةِ ابنِ عامر: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادَهِمْ شُرَكَائِهُمْ﴾.
ففصل ههنا بالمفعولِ الذي هو (أولادهم) بين المضافِ والمضافِ إليه،
ومنه البيت المتقدم.
أو أن يكون ظرفَهُ؛ نحو قول القائل:
"تَرْكُ يومًا نفسِك وهواها".
===============================
الحالة الثانية:
أن يكون المضاف «اسم فاعل» متعديا لمفعولين، والمضافُ إليه إمَّا:
مفعوله الأول، والفاصل مفعوله
الثاني، كقراءة: "فَلَا تَحْسِبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلِهِ".
وكقول الشاعر:
وسِواكَ مَانِعُ فَضْلَهُ المُحتاجِ
وإما ظرفُه؛ كما أَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ:
فَرِشْني بخَيْرٍ لا أكونُ ومِدْحَتي *** كَناحتِ يومًا صَخْرةٍ
بعَسيلِ
أي: كناحِتِ صخرةٍ يَوْما.
وإما مجرورٌ يُلحَقُ بالظَّرفِ؛ كما قال النبي -صلى الله
عليه وسلم-: "هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي".
وقال الشاعر:
لَأَنتَ مُعْتَادُ فِي الهَيْجَا مُصابَرَةً *** يصلى بها كلُّ مَن
عاداكَ نِيرانا
ففصل بين " معتاد " و" مصابرة " بقوله: "
الهيجا ".
ونحوه قول دُرْنا بنت عبعبة:
هما أخوا في الحربِ مَن لا أخا له *** إذا خافَ يومًا نبوةً
فدعاهما
أخوا: مضاف مثنى، حذفت نونه للإضافة، والمضاف إليه هو الحربِ، وفصل
بينهما بالمجرور.
ومنه قول ذي الرُّمَّة:
كأنَّ أصواتَ مِن إِيغالِهنَّ بنا *** أَواخِرِ المَيْسِ إِنْقَاضُ
الفَراريجِ
المضاف: هو أصواتَ، والمضاف إليه: هو أواخر، وقد فصل بينهما بجارين
ومجرورين.
الحالة الثالثة:
أن يكون الفاصل قَسَمًا؛ حكى الكِسائيُّ قول بعضهم: «هذا غلامُ
واللّهِ زيدٍ".
وحكى أبو عبيدة سماعا عن بعض العرب قولهم: "إنَّ الشّاةَ
لَتَجْتَرُّ فتسمعُ صوتَ واللهِ ربِّها".
=======================
وما لا يجوز إلا في الشعر أربعة:
الأولى:
الفصلُ بأجنبي، وهو معمولُ غيرِ المُضافِ؛ كأنْ يأتيَ:
أ- فاعلا لغيرِ المضافِ، كقول الأعشى:
أَنْجَبَ أَيَّامَ والِداهُ بِهِ *** إذْ نَجَلاهُ فَنِعْمَ ما
نَجَلا
المضاف هو: أيامَ، والمضاف إليه: إذ نجلاه.
ب- أو مفعولا به؛ كقول جرير:
تَسقِي اِمْتِيَاحًا نَدَى المِسْواكَ رِيقَتِها *** كما تَضَمَّنَ
ماءَ المُزْنَةِ الرَّصَفُ
أي: نَدَى رِيقَتِهَا المِسْواكَ.
ت- أو ظرفًا؛ كما في قول أبي حيَّة النُّميري:
كما خُطَّ الكتابُ بكَفِّ يَوْمًا *** يَهُوديٍّ يُقاربُ أو يُزيلُ
أي: بكَفِّ يَهُوديٍّ يَوْمًا.
وقول عَمرو بن قَميئَة:
لمّا رَأَتْ سَاتِيدَما اِسْتَعْبَرَتْ *** لِلَّهِ دَرُّ اليومَ
مَنْ لامَها
أي: لِلَّهِ دَرُّ مَنْ لاَمَها اليَوْمَ.
=================================
الثانية:
الفصلُ بفاعلِ المضافِ، كقولِ الشَّاعر:
مَا إنْ رَأَيْنا لِلْهَوَى مِن طِبِّ *** ولاَ عَدِمْنا قَهْرَ
وَجْدٌ صَبِّ
أي: قَهْرَ صَبِّ. ووَجْدٌ هو فاعلُ المضاف.
================================
الثالثة:
الفصلُ بنعتِ المضافِ وهو ضعيف عندهم؛ كقولِ الشاعر:
نَجَوْتُ وَقَدْ بَلَّ المُرادِيُّ سَيْفَه *** مِن ابنِ أبي شيخِ
الأباطحِ طالِبِ
أي: من ابن أبي طالبٍ شيخِ الأباطحِ
ومثله قول الفرزدق:
وَلَئِنْ حَلَفْتُ عَلى يَدَيْكَ لَأَحْلِفَنْ *** بِيَمِين أصدقَ
مِن يَمِينِكَ مُقْسِمِ
أي: بيمينِ مقسمٍ أصدقَ من يمينك، ففصل بأصدق -وهو نعت يمين- بين
"يمين" و "مقسم".
==================================
الرابعة:
الفصل بالنداء، وهو مثل ما سبق في الضعف والندور، كقول
الشاعر:
وِفاقُ كعبُ بُجَيْرٍ مُنْقِذٌ لك من *** تعجيلِ تَهْلُكة والخُلدِ
في سَقَرا
أي: وفاقُ بجيرٍ يا كعبُ.
وكقول الراجز:
كأنّ بِرْذَوْنَ أبا عِصَامِ *** زيدٍ حمارٌ دُقَّ باللِّجام
أي: كأن برذونَ زيدٍ.
============================================
أما عن الثانية:
فالفصل بينهما بالعطف لا يجوز، وما ورد منه في الشعر شاذ أو ضرورة
لا يقاس عليه، فلا يجوز أن تقول: "مررتُ بغلامِ وعمِّ زيدٍ"، بل تقول: "مررت بغلامِ
زيدٍ وعمِّه"، والله أعلم.
وكتب / أبو زياد محمد سعيد البحيري