إعراب الجمل السبعة التي لها محل من الإعراب

  • اخر الاخبار

    الثلاثاء، 24 يناير 2017

    لَطَائِفُ حَدِيثِيَّةٌ (الأثر) من كتاب الجامع لعلوم الحديث والأثر لأبي زياد محمد سعيد البحيري

    لَطَائِفُ حَدِيثِيَّةٌ (الأثر) من كتاب الجامع لعلوم الحديث والأثر لأبي زياد محمد سعيد البحيري

    الأَثَرُ
    الأثر لغة (1) له معان عديدة:
    الأول: بقية الشيء، والجمع آثَارٌ وأُثُورٌ، ولذلك قيل لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- آثار؛ لأنها بقيت بعده.
    قال الله -تعالى-: «سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ»، وقال السامري: «فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ».
    الثاني: تقديم الشيء على غيره، قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ:
    وَقَالُوا مَا تَشَاءُ فَقُلْتُ أَلْهُو *** إِلَى الْإِصْبَاحِ آثِرَ ذِي أَثِيرِ
    الثالث: الخبر، يقال أَثَرْتُ الحديث آثُرُه إِذا ذكرتَه ورويتَه، وأخبرتَ به، وأَثَرَ الحديث عن القومِ يأْثِرُه إذا حدث به في آثارهم أي: بَعدهم.
    الرابع: يطلق على العلامة، يقال للناقة العظيمة ذات آثارة إن كانت ممتلئة، وقال المبرد: قالوا للشيء الحسن البهي في العين أثَارة، أي: علامة.
    قلتُ: ويُمكن أن يُرَدَّ بعضُها إلى بعض.

    واصطلاحًا (2): للعلماء فيه أقوال:
    قيل: الأثر يشمل المرفوع، والموقوف، والمقطوع، فيكون مرادفا للحديث والخبر على أحد الأقوال.
    وقيل: بل الأثر ما رُوي عن غير النبي من الصحابة والتابعين ومن بعدهم؛ حينئذ يختص بالموقوف والمقطوع.
    وقيل: الأثر أعم من الحديث والخبر.
    وقيل: الأثر ما رُوي عن الصحابة فقط، فقصروه على الموقوف فقط.

    قال ابن الصلاح في علوم الحديث (ص118):
    " وَمَوْجُودٌ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ الْخُرَاسَانِيِّينَ تَعْرِيفُ الْمَوْقُوفِ بِاسْمِ الْأَثَرِ، قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْفُورَانِيُّ مِنْهُمْ فِيمَا بَلَغَنَا عَنْهُ: الْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ: " الْخَبَرُ مَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْأَثَرُ مَا يُرْوَى عَنِ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ".

    قلتُ: بل قال به سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد في رواية عنه.
    فقد رُوي عن سفيان الثوري أنه أطلقه على الموقوف كما في مسائل الإمام أحمد وإسحاق (3/مسألة 589)، وأما الشافعي فنص عليه في الرسالة (ص274/فقرة597 , وص498/فقرة 1468)، وأما الإمام أحمد فقد ورد في بعض مسائله.

    قال الحافظ في النكت (1/ص513):
    " هذا قد وجد في عبارة الشافعي -رضي الله عنه- في مواضع.
    والأثر في الأصل العلامة والبقية والرواية، ونقل النووي عن أهل الحديث أنهم يطلقون الأثر على المرفوع والموقوف معًا، ويؤيده تسمية أبي جعفر الطبري كتابه (تهذيب الآثار) وهو مقصور على المرفوعات وإنما يورد فيه الموقوفات تبعًا، وأما كتاب (شرح معاني الآثار) للطحاوي فمشتمل على المرفوع والموقوف أيضًا والله تعالى الموفِّق".
    وقال الزركشي في النكت (1/ص417):
    " وساعدهم في ذلك كلام الشافعي على ما استقر فيه، فإنه غالبا يطلق الأثر على كلام الصحابة والحديث على قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو تفريق حسن؛ لأن التفاوت في المراتب يقتضي التفاوت فيما يترتب على المراتب؛ فيقال لما نسب لصاحب الشرع الخبر وللصحابة الأثر، وللعلماء القول والمذهب ونبه النووي في مختصره على أن أهل الحديث كلهم يطلقون الأثر على المرفوع والموقوف".

    قلتُ: وقد ورد حديث موضوع على النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه تخصيص الأثر بما ورد عن غيره وعن صحابته، نذكره من باب التنفير عنه؛ ولأن يدور على ألسنة بعض من الفقهاء.
    الحديث أخرجه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوى والسامع (4/ص316/ح1589) قال:
    أنا محمد بن أحمد بن رزق، أنا القاضي أبو نصر أحمد بن نصر بن محمد الزعفراني البخاري نا الحسين بن محمد بن موسى القمي، نا عبد الرحيم بن حبيب، نا صالح بن بيان، عن أسد بن سعيد الكوفي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده قال:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جاء عن الله تعالى فهو فريضة وما جاء عني فهو حتم كالفريضة وما جاء عن الصحابة فهو سنة وما جاء عن التابعين فهو أثر وما جاء عمن دونهم فهو بدعة».

    وهو حديث مكذوب، إسناده واهٍ مسلسل بالبلايا:
    1- فعبد الرحيم بن حبيب كذاب كبير، قال ابن حبان لعله وضع أكثر من خمسمائة حديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    2- وصالح بن بيان متروك.
    3- وأسد بن سعيد مجهول لا يعرف.
    4- ومتنه منكر جدا، وواضعه غبي؛ لأنه يظهر لكل أحد ولو كان مِن أدنى الناس ذوقا أن متنه أشبه بكلام الفقهاء منه بكلام الأنبياء.
    ثم فيه ما يخالف أصلا من أصول الدين، وهو أن ما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منه ما هو فرض لا نزاع فيه البتة، وهذا يقول: وما جاء عني فهو كالفريضة، بيد أنه ليس كل ما جاء عن الله يكون فرضا.

    لكنَّ الأشهر عند أهل الحديث - كما قال النووي وغيره-  أن الأثر بمعنى الحديث والخبر؛ لأنه مأخوذ من أثرتُ الحديث أي رويتُه، ويُسمى المحدث أثريًا نسبة للأثر، فالثلاثة بمعنى واحد عند الجماهير، يُطلق كل واحد منهم على ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة، وعن التابعين، كما حكاه الحافظ، والسيوطي، والنووي، وغير واحد من أهل العلم.

    لكن إذا استعمل المحدثون الأثر في المرفوع فغالبا ما يقيدونه، فيقولون: ورد أثر عن النبي، ولا يقولون وفى الأثر كذا وكذا، وإذا أطلقوه يريدون به الصحابة أو من بعدهم.

    وقد ورد عند ابن أبى شيبة في المصنف في مواضع عدة، ومسلم في مقدمة صحيحه، وغيرهم من أهل الحديث أنهم استخدموا الأثر في المرفوع، ويدل على ذلك صنيع الطحاوي في كتابه (شرح معاني الآثار، وشرح مشكل الآثار، والطبري في تهذيب الآثار)، وهذه الكتب الأصل فيها المرفوع كما قال الحافظ، ومع ذلك سُميت بالآثار، وكذلك فعل البيهقي في (معرفة السنن والآثار) وهو يشتمل على الأنواع الثلاثة.

    وقال الدارقطني في العلل (6/ص160/ح1044) في حديث الهرة أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أَصغَى لَها الإِناء، وأَنَّها لَيسَت بِنَجَسٍ: "وَرَفعُهُ صَحِيحٌ، ولَعَلّ مَن وقَفَهُ لَم يَسأَل أبا قَتادَة: هَل عِندَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيه وسَلم- فِيهِ أَثَرٌ أَم لا؟ لأَنَّهُم حَكَّوا فِعل أَبِي قَتادَة حَسبُ".
    كذلك: يطلقون الأثر على الموقوف والمقطوع، فيقال مثلًا: ورد أثرٌ عن ابن عباس، وورد أثر عن ابن سيرين، وهكذا، ويُستخدم في المرفوع أيضًا على ندرة فيه، والله أعلم.
    ___________________
     (1) مقاييس اللغة (1/53)، تهذيب اللغة (5/ص104/أثر)، المحكم والمحيط (10/ص173/أ ث ر)، القاموس المحيط (1/ص435)، لسان العرب (4/ص5/أثر)، تاج العروس (1/أثر)، النهاية في غريب الحديث (1/ص29)، مختار الصحاح (1/ص5/أ ث ر).

    (2) علوم الحديث لابن الصلاح (ص118)، التقريب (ص51)، شرح الألفية للعراقي (1/ص184)، فتح المغيث (1/ص187)، فتح الباقي بشرح ألفية العراقي (ص127)، نزهة النظر (ص86)، النكت للحافظ (1/ص513)، البحر الذي زخر (1/ص301)، المقنع في علوم الحديث (1/ص114)، تدريب الراوي (ص27، 147)، النكت للزركشي (1/ص417)، منهج ذوي النظر (ص9)، شرح ألفية السيوطي للأثيوبي (ص15)، الوسيط (ص17)، حاشية لقط الدرر (ص27).


    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: لَطَائِفُ حَدِيثِيَّةٌ (الأثر) من كتاب الجامع لعلوم الحديث والأثر لأبي زياد محمد سعيد البحيري Rating: 5 Reviewed By: محمد سعيد البحيري
    إلى الأعلى