السبت، 15 أغسطس 2020

عبادة المشركين للقمر والنجوم

 

عبادة المشركين للقمر والنجوم
____________________
من العرب من كان يعبد القمر والنجوم
فدليل عبادة المشركين القمرَ قوله -تعالى-: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [فُصِّلَت:37].

فمنهم من كان يعتقد أن القمر يتصرف مع الله في الكون، كقبيلة كنانة، إذ اتخذوا له صنمًا على صورة عجل.

وكانت تميم تتطيـر به إذا كان في الدَّبَرانِ (1)، فإذا سافروا في تلك الليلة ظنوها ليلة مشؤومة، ولذلك قال مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز: حين خرج عمر من المدينة نظرتُ -أي مزاحم- فإذا القمر في الدبران، فكرهت أن أقول ذلك له، فقلت ألا تنظر إلى القمر ما أحسن استواءه في هذه الليلة، فنظر عمر فإذا هو بالدبران فقال كأنك أردت أن تعلمني أن القمر بالدبران يا مزاحم، إنا لا نخرج بشمس ولا بقمر ولكنا نخرج بالله الواحد القهار» (2)


فمعنى الآية:
أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله الدالة على وحدانيته، يجريان في فَلَكٍ بإجراء الله إياهما لكم بأمره وقدرته، تسخيرا منه لعباده ولمنافعهم، ولا يستطيعان لأحد نفعا أو ضرًّا، فلا تسجدوا للشمس ولا للقمر؛ لأنهما مخلوقان من مخلوقات الباري جل وعلا، إذا أراد الله أن يذهب بهما ويطمس نورهما لفعل سبحانه، واسجدوا له وحده دون من سواه؛ إذ هو وحده الذي يُفرد بالعبادة جل شأنه.

وقوله: «وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ» الضمير في "خلقهن" بالجمع يعود على "الليل والنهار والشمس والقمر"، وأنث لأنها ليست من جنس بني آدم.

وقد كانت طوائف من العرب تعبد النجوم، فمنهم مَنْ عَبَدَ الزُّهَرَةَ من دون الله، ومنهم من عبد الشِّعْرَى.


وقد بين الله ذلك فقال: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى﴾ [النجم:49]، أي إن كنتم تعبدون الشعرى فإن الله -جل وعلا- هو رب الشعرى، ورب كل شيء، فهو الذي ينبغي أن يُعبد وحده سبحانه.



والشعرى نجم كانت خزاعة تعبده، وهو كوكب مضيء يطلع بعد الجوزاء، وطلوعه في شدة الحر، والمقصود بها الشعرى العبور، قال ذو الرمة:
إِذَا أمْسَتِ الشِّعْرَى الْعَبُورُ كَأَنَّهَا *** مَهَاةٌ عَلَتْ مِنْ رَمْلِ يَبْـرِينَ رَابِيَا


وقال الشماخ:
لِلَيْلَـى بِالفَحِيمِ ضَوْءُ نَـارٍ ** يَلُوحُ كَأَنَّـهُ الشِّعْرَى العَبُورُ


وقال بعضهم:
مضَى أيلولُ، وارْتفَعَ الحرورُ *** وأخْبَتْ نارَها الشعرى العَبورُ


أما الشعْرَى الغُمَيْصَاء فليس لها ضوءُ العَبُور، ولذلك سميت غميصاء.
أخرج الطبري عن ابن عباس في قوله -تعالى-: (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى) قال: هو الكوكب الذي يدعى الشعرى.

وعن مجاهد أنه قال: الكوكب الذي خَلْف الجوزاء، كانوا يعبدونه في الجاهلية.

وقصة إبراهيم حين أتاه الله حجته تشير إلى أن عبادة القمر والشمس والكواكب قديمة؛ إذ كان ذلك واقعا في بعض قومه، والله أعلم.

 

كتبه
أبو زياد محمد سعيد البحيري
غفر الله ولوالديه ولمشايخه وللمؤمنين
_____________________
(1)
قال المرزوقي: «وأما الدبران فالكوكب الأحمر الذي على أثر الثريا بين يديه كواكب كثيرة مجتمعة من أدناها إليه كوكبان صغيران يكادان يلتصقان، يقول الأعراب: هما كلباه، والبواقي غنمه» الأزمنة والأمكنة (ص80) وقيل: غير ذلك.
وقال: «وسمي الدبران لأنه دبر الثريا أي صار خلفها .... ونوؤها ثلاث ليال وقيل: بل هو ليلة وهو غير محمود» (ص129).

(2) أخرجه أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم في سيرة عمر بن عبد العزيز (ص32).

أعلى النموذج


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق