الأحد، 2 يوليو 2017

إنَّ مَا نحن فيه من غلاءٍ وفتن ما هو إلا بذنوبنا وبعدنا عن ربنا


إنَّ مَا نحن فيه من غلاء وفتن ما هو إلا بذنوبنا وبعدنا عن ربنا؛ قال الله -تعالى-: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ».

وقال -تعالى-: «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ».

وقال -تعالى-: «ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».

وقال -تعالى-: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ».

فحين تجد الناس يهرعون زُمَرًا لمشاهدة المباريات، وتَنْتَفِخُ أوداجهم لغلاء الأسعار، وارتفاع الدولار، ولا تتمعر وجوههم إذا ما رأوا الإشراك بالله، وكثرة البدع والضلالات، وانتشار الجهل ومشايخ السوء فمن الحُمْقِ أن يَسأل أحدٌ عن سبب ما نحن فيه.

والذي رزقنا في الرخص هو الذي يرزقنا في الغلاء؛ فإن المسعر هو الله كما قال رسول الله؛ فقد أخرج أبو داود والترمذي وغيرهما من حديث أَنَسٍ قَالَ:
«قَالَ النَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ غَلاَ السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ وَإِنِّى لأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِى بِمَظْلَمَةٍ فِى دَمٍ وَلاَ مَالٍ».

وأخرج أبو نعيم في الحلية عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّهُمْ أَتَوْهُ، فَقَالُوا لَهُ: «يَا أَبَا حَازِمٍ أَمَا تَرَى قَدْ غَلا السِّعْرُ، فَقَالَ: " وَمَا يَغُمُّكُمْ مِنْ ذَلِكَ؟ إِنَّ الَّذِي يَرْزُقُنَا فِي الرُّخْصِ هُوَ الَّذِي يَرْزُقُنَا فِي الْغَلاءِ».

قال ابن تيمية في الفتاوى (8/ 520):

"فَالْغَلَاءُ بِارْتِفَاعِ الْأَسْعَارِ؛ وَالرُّخْصِ بِانْخِفَاضِهَا هُمَا مِنْ جُمْلَةِ الْحَوَادِثِ الَّتِي لَا خَالِقَ لَهَا إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ؛ وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ لَكِنْ هُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَعَلَ بَعْضَ أَفْعَالِ الْعِبَادِ سَبَبًا فِي بَعْضِ الْحَوَادِثِ كَمَا جَعَلَ قَتْلَ الْقَاتِلِ سَبَبًا فِي مَوْتِ الْمَقْتُولِ؛ وَجَعَلَ ارْتِفَاعَ الْأَسْعَارِ قَدْ يَكُونُ بِسَبَبِ ظُلْمِ الْعِبَادِ وَانْخِفَاضِهَا قَدْ يَكُونُ بِسَبَبِ إحْسَانِ بَعْضِ النَّاسِ وَلِهَذَا أَضَافَ مَنْ أَضَافَ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ الْغَلَاءَ وَالرُّخْصَ إلَى بَعْضِ النَّاسِ وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ أُصُولًا فَاسِدَةً".

أما حكامنا فأعمالنا التي كسبتها أيدينا، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر؛ قال -تعالى-: «وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ».

فما نحن فيه عقاب من الله، وعقاب الله لا يُدفع إلا بالتوبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق