الثلاثاء، 16 أكتوبر 2018

الفعل "رَ"



الفعل "رَ"
==================
سؤال من أحد الإخوة يقول فيه:
قال لي أحدهم :


ليس للفعل " رأى " أمرٌ ، بل له الماضي والمضارع فقط ... رغم أني رأيت في بعض كتب التصريف بأن أمر المفرد لفعل رأى ( رَ ) وجمعه ( رُوا ) ومع نون التوكيد ( رُنّ )وأصله رُونّ وحُذفت الراء خوف التقاء الساكنين ...


فاعترض علي صاحبي وقال :


هذا ضعيف وإن ذهب إليه بعض النحاة ..!


فهلا يفيدنا شيخنا بأصح القولين - بارك الله فيك ونفع بك -.
===========================
ج: حياكم الله أخي الكريم.


ليس هناك قولان، فالقول الذي قال به صاحبك قول فاسد، قول رجل ليس من أهل الصنعة.


لأن فعل الأمر مشتق من المضارع، وعليه: إذا سُمع المضارع فالأمر مقيس منه، ولا يلزم أن نسمع كلَّ فعل أمر نطقت به العرب، وإلا لحكمنا برد كثير من الأفعال، وهذا صنيع جميع اللغوين، ولذلك لا يحكون الفعلَ الأمر في المعاجم إلا قليلا، ولا تجده في كتب النحو ولا في غيرها، بل يذكرون القاعدة في اشتقاقه، ثم يتركون الإتيان به للمتكلم، وهذا من فوائد علم التصريف = "أن تعرف المقيس والمسموع" والفعل الأمر مما ينقاس، إلا إذا كان جامدا فهذا يحفظ، كـ "هب"، وفي هذا كلام يطول.


وعلى ذلك أقول: الماضي "رأى"، المضارع منه في الأصل: "يَرْأَيُ"، على زنة "يفتح" ثم حصل إعلال للامه فقُلبت ألفا، وحُذفت الهمزة للتخفيف فصار "يَرَى" وفيه لغات متعددة، على كلٍّ إذا أدخلتَ عليه جازما قلت" لم يَرَ" بحذف حرف العلة، كما قال -جل وعلا-" ألم تَرَ كيف فعل ربك بأصحاب الفيل"، فالأمر منه حينئذ يكون بحذف حرف المضارعة "رَ" هذا هو القياس فيه، أو تدخل عليه هاء السكت فتقول: "رَهْ".


فما ظنك إن كان مسموعا؛ فقد حكى أئمة اللغة عن أهل الحجاز أنهم يقولون: "رَ ذلك، رَيَا، رَوْا، رَيْ، رَيْنَ، رَيَنَ، رَيَانَ، رَوُنَ، رَيِنَ، رَيَانِّ، رَيْنَانَ" حكى ذلك عنهم غير واحد.


أمّا بنو تميم فيهمزون جميعَ ذلك؛ إذ يقولون: "رَأْ....." وبعض بني تميم يقولون: "ارْأَ ذاك، وارْأيَا، ولجماعة النسوة: ارأَيْن".


وقل لصاحبك -غفر الله لنا وله- اقرأ هذا الحديث" فَرَ فيها رأيك"


أخرج البخاري في "صحيحه" وغيره عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ قال: "إِنِّي لَفِي الْقَوْمِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَامَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا ثُمَّ قَامَتْ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا ثُمَّ قَامَتْ الثَّالِثَةَ فَقَالَتْ إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْكِحْنِيهَا".


وكتب / أبو زياد محمد سعيد البحيري
غفر الله له ولوالديه ولمشايخه وللمؤمنين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق