الاثنين، 25 سبتمبر 2017

هل يصح أن يقال: اللهم آمين ؟ !!!


سألني غير واحد عن كلمة " اللهم آمين" هل تصح أو لا؟
ج: الحمد لله، وأصلى وأسلم على الرحمة المهداة، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد،

فالأولى البعد عن مثل تلك الكلمة، ولنقتصر على ما ورد في الشرع؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد علمنا أن نقول: «آمين»، ولو كانت " اللهم آمين " خيرا لعلمناها معلم الناس الخير.

والأدلة في قول «آمين» خاصة كثيرة، فمنها:
ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة قال: قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضالين فقولوا آمين».

ولم يقل: فقولوا "اللهم آمين".

وقد أخرج ابن خزيمة بإسناد حسن عَنْ عَائِشَةَ عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قال: «إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ حُسَّدٌ، وَهُمْ لَا يَحْسُدُونَا عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَحْسُدُونَا عَلَى السَّلَامِ، وَعَلَى آمِينَ».

فصار لفظ «آمين» بهذا الحديث وغيره لفظا شرعيا بنفسه، وليس بمعناه، فافهم.

ولا أعلم دليلا من الكتاب، ولا من السنة، ولا أثرا عن أحد من السلف أنه قال فيه: «اللهم آمين».

فكما أننا نقتصر في الصلاة على لفظ «آمين» فكذلك نقتصر عليه خارج الصلاة، فكلمة "آمين" وردت في السنة في غير الصلاة من غير زيادة عليها أيضا، وعلى من يريد أن يزيد فيها شيئا آخر أن يأتي هو بدليل، لا أن يُطالب من يمنع بالدليل؛ لأن الأصل في العبادات المنع، ولا شك أن التأمين على الدعاء عبادة !!!

فقد قال صلى الله عليه وسلم: " إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ وَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" سواء كان في الصلاة أو في غير الصلاة، ولله در البخاري حين وضع هذا الحديث في كتابين، الأول: كتاب الصلاة، والثاني: بدء الخلق.

فإن نازعت في ذلك وقلت إنه خاص بالصلاة، وتجاهلت الأصل المتقدم من الأصل في العبادات المنع أتيتُك بما لا تجد منه مفرا، وهو ما أخرجه مسلم في صحيحه (ح7014) عن أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: حَدَّثَنِى سَيِّدِى أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «مَنْ دَعَا لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ ».

قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ

قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ


والسؤال: هل زاد الملك على كلمة "آمين"؟

هل زاد النبي صلى الله عليه وسلم عليها"

هل من أثر عن أحد من الصحابة أنه زاد عليها"

فإن قلتَ: لا

قلت لك: فلماذا تزيد في الأذكار ما لم يأت في الشرع

فالأذكار تعبدية، وكلمة آمين كلمة شرعية بهذا البناء، من غيز زيادة عليها ولا نقصان، خلا ما ورد فيه "أمين".

========================
ومن حيث اللغة:
أسماء الأفعال لها حق الصدارة غالبا، ولا يتقدم عليها شيء، ولا معمولها إن كانت متعدية لفظا أو معنى، وهو قول جماهير النحاة خلافا للكسائي؛ إذ أجاز ذلك إلحاقًا للفرع بأصله.

فلا يقال: أَنْفُسَكُمْ عَلَيْكُمْ، ولا: الكتابَ دُونَكَ، ولا: زيدًا دراك، ولا ما أشبه ذلك، إلا إذا قُصد لفظه؛ كما قال زهير:
ولنعم حشو الدرع أنت إذا *** دُعِيَتْ نزال ولج في الذعر

وإلى ذلك أشار ابن مالك في " الخلاصة" بقوله:
وما لما تنوب عنه من عمل *** لها وأخر ما لذي فيه العمل

أما نحو قوله -تعالى-: «كتابَ الله عليكم»، وقول الشاعر:
يا أيها المائح دلوي دونكا *** إني رأيت الناس يحمدونكا

فللنحاة فيه توجيه:
وهو أن كتابَ مصدر منصوب بعامل محذوف.
ثم اختلفوا في تقدير هذا العامل على قولين:
فقيل: هو فعل تقديره: «كتب الله ذلك كتابًا عليكم». كما قيل في قوله: «صِبْغَةَ اللَّهِ»، وقد دل على ذلك المحذوف قوله -تعالى- «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ»؛ لأن التحريم يستلزم الكتابة.

وقيل: هو اسم فعل دل عليه «عليكم» المذكور، قال به ابن مالك في شرح التسهيل.
وقالوا عن البيت:
1- أن "دلوي": مبتدأ، ودونك: خبره.
2- اختار ابن مالك أن يكون "دلوي" منصوبًا بـ "دونك" مضمرة دُلَّ عليها بـ "دونك" الملفوظة.
وقد اعتُرِضَ عليه بأن اسم الفعل لا يعمل محذوفا، وأما قول سيبويه في " زيدًا عليك". أي: عليك زيدًا عليك." فالمراد تفسير ذلك المعنى، لا تقدير العامل محذوفا، وقد ذكر الطبري في " تفسيره" خطأ من خرجه على الإغراء.
3- هو منصوب بفعل محذوف دل عليه السياق، ودونك المذكور مستأنف.

===========================
وعندي:
أن «كتابَ» في قوله -تعالى-: «كتابَ الله عليكم»: و «دلوي» في قول الشاعر: «دلوي دونكا» منصوب باسم الفعل بعده سماعا، أي: لا يُتجاوز فيه السماع.

فكذلك اسم الفعل " آمين" متعدٍّ في المعنى، ومعناه " اللهم استجب دعائي"، أو "استجب أنت دعائي"، أي: يا الله، أو "يا الله استجب دعائي"، أو نحو ذلك مما قاله العلماء.
والشاهد:
أن لاسم الفعل حقَّ الصدارة غالبا، فإن كان متعديا لم يجز أن يتقدم عليه معموله عند الجماهير.

لكن هل يتقدم عليها غير المعمول كـ (اللهم)؟
الجواب: نعم يجوز أن يتقدم لغة على تفصيل.

فهل هنا يجوز أن يقال: اللهم آمين؟
ج: لا يجوز؛ لأنه صار التوكيد باسم الفعل !!! والعرب لا تؤكد باسم الفعل إلا من لفظه، ولا تبين به غيره -فافهم-؛ كما قال -تعالى-: «هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ».
وقال جرير:
فهيهات هيهات العقيق ومن به **** وهيهات خل بالعقيق نواصله

ولم يُسمع: بَعُدَ هيهات !!!!، ولا اضرب ضراب، ولا انزل نزال، ولا اللهم آمين، ولا نحو ذلك فيما أعلم.

فإذا قيل: " اللهم آمين" صارتا جملتين، الأولى: جملة: «اللهم»، والثانية جملة: «آمين».
قلت: الأصل عدم الزيادة، وعدم التوكيد والتوضيح إلا باسم الفعل نفسه.
=========================
ومن حيث البلاغة:
يتجاذب هذا القول أصلان:
الأول: هناك تكرار، والأصل في التكرار أن يكون حشوا، ولا يُطْنِبُ المتكلمُ إلا لفائدة، لا سيما إن كان الشرع قد جاء بعدم الزيادة فيتأكد حينئذ ذلك الأصل.

ألا ترى أن العرب تحذف الفعل وجوبا في بعض الأحوال دفعا للتكرار؛ كـ "زيدا ضربته "، و" إذا السماء انشقت "، ونحو ذلك مما هو مبسوط في موضعه.

فنحن نستغني عن قول "اللهم" الزائدة بالضمير المستتر في اسم الفعل، حتى لا يصير المعنى: «اللهم اللهم استجب دعائي» !!! والأصل في اللغة عدم التكرار؛ لأنه حشو، وليس هو من ضروب الفصاحة.

والثاني وهو ضده: أن الأصل موجود، وهو أن طلب استجابة الدعاء عموما وردت فيه أدلة تحث على فعله.

لكن الأول أقعد وأوضح، فالبعد عنها أولى على كل حال، لا سيما من كان يلتزمها، والله أعلم.

وكتب / أبو زياد محمد سعيد البحيري

غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق