الثلاثاء، 12 سبتمبر 2017

هل يصح لغة أن تقول :كيف حالك؟


سؤال من أحد الإخوة الكرام.
السلام عليكم ذكر في أحد الإخوان أنه عند السؤال عن حالة الإنسان الأفصح صياغة السؤال هكذا: كيف أنت؟ وأن قولك كيف حالك؟ ليست فصحى لأن كيف تستعمل للسؤال عن الحال فيكون كلامك فيه تكرار. فهل هذا صحيح
==================
ج:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قائل هذه المقالة جهول تكلم فيما لا يحسن؛ فقد قالها النبي صلى الله عليه وسلم.

أخرج الحاكم في " المستدرك" (1/ 62)، والبيهقي في " شعب الإيمان" (11/ 378) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا: " مَنْ أَنْتِ؟ " قَالَتْ: جَثَّامَةُ الْمُزَنِيَّةُ قَالَ: " بَلْ أَنْتِ حَسَّانَةُ الْمُزَنِيَّةُ، كَيْفَ أَنْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا؟
وإسناده صحيح.

وقال الخطابي في " غريب الحديث" (2/ 522):
" في حديث مُعاوية: إنَّ عمرو بن مسعودٍ دخل عليه وقد أسنَّ وطال عُمره، فقال له مُعاويةُ: كيف أنت وكيف حالُك".

وهذا صحابي جليل فصيح قال: كيف حالك !!!

وقال الصمَّة القشيري:
ألا أيُّها الصَّمْدُ الذي كنت مرَّةً *** بحلِّك أُسقيت الغواديَ من صمْدِ
ومنزلتي ظمياء من بطن عاقلٍ *** وذات السَّليل كيف حالكما بعدِي

وقال الأصمعي:
" مرَّ بي يومًا أعرابي سائل فقلتُ له: كيف حالك؟ فقال: أسأل الناس إجحافًا، ويعطوننا كرهًا، فلا يؤخِّرون ما يعطون، ولا يبارك لنا فيما نأخذ، والعمر بين ذلك فانٍ، والأجل قريب، والأمل بعيد".


والشواهد عليها من كلام العرب كثيرة جدا هذه بعضها.
================================
أما قوله:
"وأن قولك كيف حالك؟ ليست فصحى لأن كيف تستعمل للسؤال عن الحال فيكون كلامك فيه تكرار".

فالرد عليه من وجهين:
الأول: أنه قياس باطل مصادم للنص، والقياس إذا عارض السماع كان في ضياع !!.
والثاني: أن الحال في كيف عَامٌّ، وفي التنصيص عليه بقول: «حالك» خاص، فليس هناك تكرار كما ادعاه.
================================
ولكي تدرك الفرق بين الاثنين تأمل:
قولكَ: كيف زيدٌ؟
أي: ما حال زيد مطلقا، دون تعيين حال معينة.
وقولكَ: كيف حالك؟
تنصيص على حاله فقط، مثلا حاله مع زوجه وأولاده ليس داخلا في السؤال.

فإن قيل: إضافة الحال إلى صاحبه تقتضي التعميم.
قلتُ: هو تخصيص بحال المسئول عنه، عام في كل حاله، فلم يدخل حال غيره فافهم، 
ثم لو فهم تعميم حاله لكان حينئذ مستفادًا من المنطوق، وفي كيف يكون مستفادًا بدلالة الاسم على الزمن المبهم، والحال المبهم، فالتنصيص على حاله بعد كيف أفصح، والله أعلم.

وكتب / أبو زياد محمد سعيد البحيري

غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين

السبت، 2 سبتمبر 2017

التكبير المقيد دبر الصلوات سنة بإجماع الصحابة، بشرط ألا يكون الناس على صوت واحد قصدا، وألا يلتزموا عددا معينا.


التكبير المقيد دبر الصلوات سنة كالتكبير المطلق بإجماع الصحابة، بشرط ألا يكون الناس على صوت واحد قصدا، وألا يلتزموا عددا معينا، ووقت المقيد على الراجح: مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ، إلَى عصر آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيق.
============================
كان ابن مسعود يقول: " إنما التكبير على من صلى في جماعة ".
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 154).

وأخرج ابن المنذر في الأوسط (7 /30)
عن ابن عباس، قال: "ليس على الواحد والاثنين تكبير أيام التشريق، إنما التكبير على من صلى في جماعة ".

وأخرج عن ابن عمر أنه يكبر بمنى تلك الأيام خلف الصلوات.

وكان سفيان الثوري يقول: "التكبير أيام التشريق إنما هو في الصلاة المكتوبة في الجماعة".
وهذا قول أحمد بن حنبل، وأبي حنيفة.

وقالت طائفة: يكبر وإن صلى وحده، هذا قول مالك، والشافعي، والأوزاعي، وبه قال قتادة، وروي ذلك عن الشعبي، وكذلك قاله يعقوب، ومحمد.

وقال عبد الله بن الإمام أحمد كما في " مسائله" (ص129/م 474):
"قَرَأت على أبي قلت:
"على من يجب التَّكْبِير فِي أيام التَّشْرِيق.
قَالَ على من صلى -أي في جماعة -!! وَمن صلى وَحده لَا يكبر".
وعن ابن عمر: «أنه كان إذا صلى وحده في أيام التشريق لم يكبر»"

وقال الإمام مالك:
"الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ وَأَوَّلُ ذَلِكَ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ وَالنَّاسُ مَعَهُ دُبُرَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَآخِرُ ذَلِكَ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ وَالنَّاسُ مَعَهُ دُبُرَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ثُمَّ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ".

وقال أيضا:
"وَالتَّكْبِيرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ وَحْدَهُ بِمِنًى أَوْ بِالْآفَاقِ كُلُّهَا وَاجِبٌ".

وقال الإمام الشافعي في "الأم":
"ويكبر إمامهم خلف الصلوات فيكبرون معا ومتفرقين.. ويكبر الإمام خلف الصلوات ما لم يقم من مجلسه.. ولا يدَعْ من خلْفه التكبيرَ بتكبيره".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (24/ 220):
"أَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِي التَّكْبِيرِ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْأَئِمَّةِ: أَنْ يُكَبِّرَ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ، إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَيُشْرَعُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَجْهَرَ بِالتَّكْبِيرِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى الْعِيدِ".

وقال السرخسي في "المبسوط" (2/ 377):
وَالتَّكْبِيرُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى ".

وقال العمراني في "البيان" (2/657):
"فإنما يكبر عقيب السلام، فإن أتى بما ينافي الصلاة، مثل: أن تكلم، أو خرج من المسجد ... لم يكبر".

وقال المرداوي في "الإنصاف" (2/437):
" يُكَبِّرُ الْإِمَامُ إذَا سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ".

وقال الشيخ ابن باز في "فتاواه":
" وبهذا تعلم أن التكبير المطلق والمقيد يجتمعان في أصح أقوال العلماء في خمسة أيام، وهي: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق الثلاثة. وأما اليوم الثامن وما قبله إلى أول الشهر فالتكبير فيه مطلق لا مقيد؛ لما تقدم من الآية والآثار".

وقال الشيخ صالح الفوزان في "الملخص الفقهي ":
ويزيد عيد الأضحى بمشروعية التكبير المُقيد فيه: وهو التكبير الذي شُرع عقب كل صلاة فريضة في جماعة فيلتفت الامام الى المأمومين ثم يكبر ويكبرون لما رواه الدارقطني وابن أبي شيبة وغيرهما من حديث جابر " أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة، يقول الله أكبر " الحديث.
إلى أن قال:
روى الدارقطني عن جابر " كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكبر في صلاة الفجر يوم عرفة الى صلاة العصر من آخر أيام التشريق حين يُسلم من المكتوبات "
وفي لفظ «كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة، يقبل على أصحابه فيقول على مكانكم ويقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد".

وهذا الحديث وإن كان ضعيفا إلا أن الصحابة اتفقوا على مشروعية التكبير دبر الصلوات في يوم الأضحى وأيام التشريق؛ لأنهم حفظوا سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولعموم أدلة التكبير.
=================================
ونقل هذا الإجماعَ الحافظُ ابن رجب في "الفتح" {6/ص124}، والوزير ابن هبيرة في "الإفصاح" {1/ص118}، والنووي في "المجموع" {5/ص39}.

أما أن يتقصد الناس التكبير بصوت واحد -لا سيما في مكبر الصوت- كما يفعلون اليوم فليس من السنة.

وفى فتوى اللجنة الدائمة:
س2: ثبت لدينا أن التكبير في أيام التشريق سنة، فهل يصح أن يكبر الإمام ثم يكبر خلفه المصلون؟ أم يكبر كل مصلٍ وحده بصوت منخفض أو مرتفع؟
ج2: يكبر كلٌ وحده جهرًا، فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم التكبير الجماعي.
الفتوى الأولى:
السؤال الثاني من الفتوى رقم (8340 )
====================================
وقد اختلف السلف فيمن دخل الصلاة وقد سبقه الإمام بركعة أو أكثر في يوم الأضحى وأيام التشريق هل يقضي صلاته ثم يكبر؟، أو يكبر مع المأمومين وهو جالس قبل أن يُسلم ثم يقضي ما فاته؟ !!!!!!!!!!!!
==============================
فذهب جماهير أهل العلم إلى أنه يقضي ما فاته ثم يكبر وحده، وهو قول ابن سيرين، والشعبي، ومالك، وأبى حنيفة، وابن شبرمة، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وابن المنذر، وابن حزم.
==============================
وذهب الحسن البصري: إلى أنه يكبر مع الناس ثم يقضى ما فاته !!!!!!!!!!
وأغرب من قوله قول مجاهد، ومكحول: يكبر مع الناس ثم يقضي، ثم يكبر وحده مرة أخرى بعد الانتهاء من الصلاة !!!!!.
===============================
قلت:
والصواب أن من كبر مع الناس وكان قد فاته شيء من الصلاة فقد بطلت صلاته؛ لأنه أدخل في الصلاة ما ليس من جنسها، ولأنه ذكر مشروع بعد السلام فلا يأتي به أثناء الصلاة.

ثم نقول لهم: ما الحال لو كبر الناس كثيرًا، فإلى متى يظل يكبر مع الناس، فهذه الصورة لو ثبتت عن أحد من الصحابة لجاءت إلينا؛ ولأن التكبير مسنون، وإتمام الصلاة فرض، فلا يقدم المسنون على الفرض، ولو فعل ذلك لبطلت صلاته كما قلتُ.

كذلك من كان عليه سجود سهوٍ، فإنه يسجد للسهو ثم يكبر، وبهذا قال إسحاق، وأبو حنيفة، والثوري، وأحمد، والشافعي.
=============================
فائدة:
دل هذا الخلاف في المسبوق على أنهم كانوا يكبرون عقب الصلاة مباشرة، فافهم، خلافا لمن يقول: تقول الأذكار أولا ثم تكبر بعد ذلك، وهذه فائدة لعلك لا تجدها في الكتب.

==============================
من كتاب "الإلمام بأحكام الصيام" (3 /ص307 - 312) لأخيكم.

وكتب / أبو زياد محمد سعيد البحيري