الاثنين، 28 أغسطس 2017

الرد على شبهة للصوفية في اتخاذ القبور مساجد في حديث: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»



شبهة في اتخاذ القبور مساجد والرد عليها.
يقول أحد الإخوة:
هناك إشكال في فهم حديث: ««لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، ألا وهو: كيف يكون النصارى ملعونين باتخاذهم القبور مساجد ولم يُرْسَلْ لهم إلا نبيٌّ واحد وهو عيسى !! والحديث يقول: قبور أنبيائهم .... بالجمع !!!، وهذه شبهة للصوفية.
==================================
ج: قلت: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد،
فالإجابة عن هذا الإشكال بحول الله وقوته:
أن العرب تَحْذِفُ جملةً لدلالة جملةٍ معطوفةٍ عليها، فمعنى الحديث: «لعنة الله على اليهود والنصارى» لأنهم «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد». أي: حال كونهم متخذين، وهي حال لازمة.
فضمير الجمع في «اتخذوا» عائد على اليهود فقط لا النصارى.
فالمعنى: لعنة الله على اليهود؛ لأنهم اتخذ قبور أنبيائهم مساجد.
ودليل ذلك رواية البخاري: «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». ولم يَذكر النصارى.

فإن قلت: وأين النصارى، فهل لم يتخذوا القبور مساجد؟
قلتُ: بل اتخذوا قطعا، لكن دل النص على اتخاذِهِمُ القبورَ مساجدَ بدلالة التضمن، ففي الكلام متروكٌ استُغني عنه بدلالة المذكور عليه؛ ولأن الجمع يشملُ المفردَ من غير عكس.

فالمعنى:
قاتل الله اليهود اتخذ اليهود قبور أنبيائهم مساجد، وقاتل اللهُ النصارى؛ لأنهم فعلوا مثلَ اليهود، بحسب ما كان عندهم من قبور.

وهذا الأسلوب مذكور في القرءان؛ كما قال -تعالى-: «يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ».

فالتقدير:
والله أحقُّ أن يرضوه ورسوله كذلك أحق أن يرضوه، مع اعتبار عود الضمير على الله فقط لا على رسوله؛ لأنه الأولى في الإسناد، وتقدير العطف من باب عطف الجمل؛ أي: والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك؛ وَمِنْه قَول ضابئ بْنِ الْحَارِث:
وَمَنْ يَكُ أَمْسَى بِالْمَدِينَةِ رَحْلُهُ *** فَإِنِّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ
والتقدير: فإني لغريب وَقَيَّارٌ بِهَا غَرِيبٌ أَيْضًا.
=======================
وهناك توجيه ثان وهو:
أن يقال: هذا من اللَّفِّ بين القولين؛ كما في قوله -تعالى-: «وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى» [البقرة: 111]؛ فالضمير في «قالوا» عائد على أهل الكتاب من اليهود والنصارى، برد كلِّ قولٍ إلى صاحبه منفردا، أي: وقالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى.
فحصل لَفٌّ بين القولين اعتمادا على فهم السامع برد كلِّ قولٍ إلى صاحبه.

فكذلك يقال:
قاتل الله اليهود والنصارى ... اتخذوا، فحصل لَفٌّ بين القولين اعتمادا على فهم السامع برد كل قول إلى صاحبه، واستفدنا هذا اللف من الضمير في «اتخذوا»، فقد أعاد الضمير بالجمع لما عرفتَ، والله أعلم.

فمعنى الحديث:
قاتل الله اليهود اتخذ اليهود قبور أنبيائهم مساجد، وقاتل اللهُ النصارى؛ لأنهم فعلوا مثلَ اليهود، بحسب ما كان عندهم من قبور.

فالنصارى اتخذوا قبورَ أنبياءِ بني إسرائيل مساجد، فالضمير في «أنبيائهم» عائد على قبور أنبياء بني إسرائيل، وليس المرادُ قبورَ أنبياء النصارى !!.

وكتب / أبو زياد محمد سعيد البحيري
غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق