السبت، 1 يوليو 2017

الصحيح أن كلمة (ليس) قد تكون فعلا وقد تكون حرفا




ذهب جمهورُ النحاةِ من البصريين والكوفيين إلى «فِعْلِيَّةِ لَيْسَ» لقبولها علامات الأفعال؛ إذ هي تقبل تاءَ الفاعل وتاءَ التأنيث الساكنة، نحو قوله -تعالى-: «وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ»، وقوله -تعالى-: «وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا» وهي مع ذا فعل ماضٍ جامدٌ ناسخٌ يرفع الاسمَ وينصب الخبرَ.

بينما ذهب ابن السراج، إلى «حَرْفِيَّةِ لَيْسَ» وتابعه على قوله أبو علي الفارسي في الحلبيات، وأبو بكر بن شقير، ولهم في ذلك تعليلان:

الأول: أن ليس تدل على معنى النفي، وهذا المعنى من معاني الحرف؛ كما تدل عليه «ما، ولا» النافيتان، فهي أشبه بالحرف من الفعل.

والثاني: عدم صياغتها من حدث وزمن كباقي الأفعال، فلا على الحدث تدل، ولا على الزمان الماضي تدل، بل تدل على نفي الحدث الذي دل عليه خبرها في المستقبل، إلا إذا وُجِدَتْ قرينة تصرفه إلى الماضي؛ كالتي في قوله -تعالى-: «وقوله تعالى: «أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُم».

وأجيب عن الأول: بأن العرب نطقت بهذا الفعل للدلالة على النفي، واللغة سماعية، ثم إنها قبلتْ علامات الأفعال، والحروف لا تقبل علامات الأفعال.

وعن الثاني: بأن دلالتها على حدث مختلف فيه، فإن بعض النحاة كرضي الدين يرى أنها تدل على الانتفاء، ثم إنكم تقولون في كان: إنها فعل وهي مع ذلك مختلف في دلالتها على حدث، ولإن قلنا: لا تدل على حدث فلِعارض لها بسبب دلالتها على النفي.
===========================
قلت "أبو زياد": الذي يظهر لي والله أعلم:
أنَّ «لَيْسَ» قد تكون فِعْلًا ماضيا جامدا ناسخا، وقد تكون حرفا !!!
فتكون فعلا إذا قبلت علاماتِ الأفعال كما سبق بيانه.
وتكون حرفا إذا دخلت على الفعل المضارع للغائب؛ نحو: «لَيْسَ يَكْتُبُ زيدٌ العلمَ»، أي: لَا يَكْتُبُ، وإذا دخلت على الفعل الماضي غالبا؛ نحو: «لَيْسَ ضَرَبَ زيدٌ عمرًا»، أي: مَا ضَرَبَ زيدٌ عَمْرًا.

ودليل قولي شيئان:
الأول: أنه يصح أن تحذفَ «لا، وما» النافيتين وتقيم مقامهما ليس؛ كما في قوله -تعالى-: «قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ»، وقوله -تعالى-: «وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ»، وقوله -تعالى-: «مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ».

فإنه من جهة المعنى يصح أن تقول: «قُلْ لَيْسَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ»، و «وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ»، و «لَيْسَ خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ».

والثاني: أنها لا تقبل علامات الأفعال في هذه المواضع.

وكذا القياس في كل موضع لا تقبل فيه علامات الأفعال مع إقامتها مقام «لَا، وَمَا» النافيتين.

واحترزتُ بقولي: إذا دخلت على الفعل المضارع للغائب من نحو: «لَسْنَا نَعْلَمُ الغيبَ، ولَيْسَتْ تقول هِنْدُ الحقَّ، وَلَسْتُ أَقُولُ هذا الكلامَ» وما أشبه ذلك.

وبقولي: إذا دخلت على الفعل الماضي غالبا من نحو: «لَسْنَا سَرَقْنَا المَتَاعَ، ولَسْتُ قُلْتُ هذا الكلامَ» وما أشبه ذلك، والله أعلم.


وكتب / أبو زياد محمد سعيد البحيري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق