ما دار
الإسلام وما دار الكفر؟ ومتى تصير دار الإسلام دار كفر؟
أما بعد،
فقد كثر الكلام في مسألة: الحكم على الدار بالكفر والإسلام، حتى
أصبح كثير من الأغمار يتكلمون في هذه المسألة، ومسائل كثيرة لو عُرضت على عمر -
رضي الله عنه - لجمع لها علماء الصحابة.
فما هي دار
الإسلام؟، ومتى تصير دار الإسلام دار كفر؟، هما مسألتان في حقيقة الأمر.
المسألة الأولى: ما دار الإسلام؟
الإجابة: لم
يَختلف أهل العلم قديما في أن دار الإسلام هي الدار التي تقام فيها الشعائر
الظاهرة مع اعتبار أكثر أهلها من المسلمين الممكنين؛ حيث إن إقامة الشعائر الظاهرة
مع اعتبار كثرة أهلها دليل على أن الحكم الغالب فيها للإسلام، فإذا أُقيم في هذه
الدار بعضُ البدع والشركيات لا يُخرجها ذلك عن كونها دار إسلام، ولو كانت تحكم
بالقانون الوضعي فهي دار إسلام؛ لأن أكثر أهلها مسلمون ممكنون من إقامة شعائر
الإسلام الظاهرة.
روى البخاري
وغيره عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى
يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ
أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ".
قال ابن رجب في
فتح الباري (5 /232):
" ومنها -
وهو المقصود بهذا الباب -: أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يجعل [الأذان] فرق ما بين دار
الكفر ودار الإسلام، فإن سمع مؤذنًا [للدار] كحكم ديار الإسلام، فيكف عن دمائهم
وأموالهم، وإن لم يسمع أذاناً أغار عليهم بعد ما يصبح.
وفي هذا: دليل
على أن إقامة الصلاة توجب الحكم بالإسلام؛ فإن الأذان إنما هو دعاء إلى الصلاة،
فإذا كان موجبًا للحكم بالإسلام، فالصلاة التي هو المقصود الأعظم أولى.
ولا يقال: إنما
حكم بإسلامهم بالأذان لما فيه من ذكر الشهادتين؛ لأن الصلاة تتضمن ذلك - أيضا -،
فإذا رأينا من ظاهره يصلي - ولا سيما في دار الحرب أو دار لم يعلم أنها دار إسلام
- حكمنا بإسلامه لذلك. وهو قول كثير من العلماء، وهو ظاهر مذهب أحمد.
وقد روي عن
النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه كان يأمر بالكف عن دار يسمع فيها
الأذان، أو يرى فيها مسجد، من رواية ابن عصام المزني، عن أبيه - وكانت له صحبة -،
قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا بعث جيشًا أو سرية
يقول لهم: " إذا رأيتم مسجداً، أو سمعتم مؤذناً فلا تقتلوا [أحدًا]
". خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي.
وقال: حسن غريب
وقال ابن
المديني: إسناد مجهول، وابن عصام لا يعرف، ولا ينسب أبوه ".
وقال أبوبكر
الاسماعيلي في عقيدته (ص56):
" ويرون الدارَ
دارَ إسلام لا دار كفر – كما رأته المعتزلة- ما دام النداء بالصلاة والإقامة بها ظاهرين، وأهلها ممكنين منها
آمنين ".
قلتُ: فقد جعل غيرَ قول أهل السنة هو قول
المعتزلة!! فافهم هذا.
وقال ابن حزم
في المحلى (11/ 200):
" الدَّارُ
إنَّمَا تُنْسَبُ لِلْغَالِبِ عَلَيْهَا، وَالْحَاكِمُ فِيهَا، وَالْمَالِكُ لَهَا
".
وقال شيخ
الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (27/ 143- 144):
" والبقاع
تتغير أحكامها بتغير أحوال أهلها فقد تكون البقعة دار كفر إذا كان أهلها كفارا ثم تصير دار إسلام
إذا أسلم أهلها كما كانت مكة -شرفها الله- في أول الأمر دار كفر وحرب ".
وقال في (18/
282):
" وكون
الأرض دار كفر ودار إيمان أو دار فاسقين ليست صفة لازمة لها؛ بل هي صفة عارضة بحسب سكانها ".
وقال الشوكاني
في السيل الجرار (976):
" ودار
الإسلام ما ظهرت فيه الشهادتان والصلاة ولم تظهر فيها خصلة كفرية ولو تأويلا إلا
بجوار وإلا فدار كفر وإن ظهرتا فيها خلاف م وتجب الهجرة عنها وعن دار الفسق إلى
خلي عما هاجر لأجله أو ما فيه دونه بنفسه وأهله إلا لمصلحة أو عذر ويتضيق بأمر
الإمام].
قوله:
"فصل ودار الإسلام" الخ.
أقول: الاعتبار بظهور الكلمة فإن كانت
الأوامر والنواهي في الدار لأهل الإسلام بحيث لا يستطيع من فيها من الكفار أن
يتظاهر بكفره إلا لكونه مأذونا له بذلك من أهل الإسلام فهذه دار إسلام ولا يضر
ظهور الخصال الكفرية فيها لأنها لم تظهر بقوة الكفار ولا بصولتهم كما هو مشاهد في
أهل الذمة من اليهود والنصارى والمعاهدين الساكنين في المدائن الإسلامية وإذا كان
الأمر العكس فالدار بالعكس".
أقوال أصحاب المذاهب الأربعة:
أولا: المذهب
المالكي.
قال في حاشية
الدسوقي على مختصر خليل (2/ 188):
لِأَنَّ
بِلَادَ الْإِسْلَامِ لَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ بِأَخْذِ الْكُفَّارِ لها
بِالْقَهْرِ ما دَامَتْ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ قَائِمَةً فيها ... إلى أن قال:
فإنه يُنْزَعُ
منهم لِأَنَّ بِلَادَ الْإِسْلَامِ لَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ بِمُجَرَّدِ
اسْتِيلَائِهِمْ عليها بَلْ حتى تَنْقَطِعَ إقَامَةُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ عنها وَأَمَّا ما
دَامَتْ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ أو غَالِبُهَا قَائِمَةً فيها فَلَا تَصِيرُ دَارَ
حَرْبٍ».
ثانيا: المذهب
الحنفي.
قال السرخسي في
المبسوط (10/ 193):
«والحاصل أن
عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى إنما تصير دارهم دار الحرب بثلاث شرائط أحدها أن
تكون متاخمة أرض الترك ليس بينها وبين أرض الحرب دار للمسلمين والثاني أن لا يبقى
فيها مسلم آمن بإيمانه ولا ذمي آمن بأمانه والثالث أن يظهروا أحكام الشرك فيها وعن
أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى إذا أظهروا أحكام الشرك فيها فقد صارت دارهم دار
حرب لأن البقعة إنما تنسب إلينا أو إليهم باعتبار القوة والغلبة فكل
موضع ظهر فيه حكم الشرك فالقوة في ذلك الموضع للمشركين فكانت دار حرب وكل موضع كان
الظاهر فيه حكم الإسلام فالقوة فيه للمسلمين ولكن أبو حنيفة رحمه الله تعالى
يعتبر تمام القهر والقوة لأن هذه البلدة كانت من دار الإسلام محرزة للمسلمين فلا يبطل ذلك
الإحراز إلا بتمام القهر من المشركين وذلك باستجماع الشرائط الثلاث».
ثالثا: المذهب
الشافعي.
«دَارُ الْإِسْلَامِ التِّي
يَسْكُنَهَا الْمُسْلِمُونَ وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ أَوْ فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ
وَأَقَرُّوهَا بِيَدِ الْكُفَّارِ أَوْ كَانُوا يَسْكُنُونَهَا ثُمَّ جَلَاهُمْ
الْكُفَّارُ عَنْهَا».
انظر مغني
المحتاج (2/ 422)، وأسنى المطالب (2/ 499).
رابعا: المذهب
الحنبلي.
قال ابن قدامة
في المغني (6/112):
«وَلَا يَخْلُو
اللَّقِيطُ مِنْ أَنْ يُوجَدَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ فِي دَارِ الْكُفْرِ،
فَأَمَّا دَارُ الْإِسْلَامِ فَضَرْبَانِ؛ أَحَدُهُمَا، دَارٌ اخْتَطَّهَا
الْمُسْلِمُونَ، كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ، فَلَقِيطُ هَذِهِ
مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ
وَلِظَاهِرِ الدَّارِ، وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ».
وسُئِلَ الشيخُ
ابن عثيمين:
بماذا تصير بلد
الإسلام دار حرب، وهل الدول التي تحكم بالقانون الوضعي دار إسلام أم دار
حرب، وما هو إظهار الدين في بلد الكفر؟
فأجاب بقوله: "
بسم الله الرحمن الرحيم، دار الإسلام لا يمكن أن تكون دار حرب، إلا أن تكون حربا
على أعداء الله، ودار الإسلام هي التي تعلن فيها شعائر الإسلام، كالأذان وصلاة
الجماعة وصلاة الجمعة وما أشبه ذلك، ويكون أهلها ينتمون إلى الإسلام مطبقون
لشرائعه، وأما الحكم بغير ما أنزل الله عز وجل: فهذا قد يؤدي إلى الكفر، وقد يؤدي
إلى ما دون الكفر، كما ذكر الله في سورة المائدة: الكافرون، والظالمون، والفاسقون
ـ حسب ما تقتضيه حال هذا الذي حكم بغير ما أنزل الله، وإذا قدر أنه وصل إلى درجة الكفر
فإنه لا يغير دار الإسلام ما دام أهلها مسلمون كارهين لما عليه هذا الحاكم، وأما إظهار الدين في دار الكفر:
فدار الكفر إذا كان الإنسان لا يستطيع إظهار دينه فيها فإنه يجب عليه الهجرة منها،
وإن كان يستطيع فإنه ينبغي أن يخرج منها، لأن بقاءه فيها على خطر، فإذا كان في بلد
الكفر يصلي ويتصدق ويقيم الجماعة والجمعة ولا أحد يمنعه من ذلك، فهذا قادر على
إظهار دينه، لكن مع ذلك لا نحب له أن يبقى في دار الكفر ".
وقال الشيخ
أيضا:
السائل:
بالنسبة لحد دار الإسلام وحد دار الكفر؟!
الشيخ: دار
الإسلام هي التي تقام فيها شعائر الإسلام بقطع النظر عن حكامها، حتى لو
تولى عليها رجل كافر وهي مما يظهر به شعائر الإسلام فهي دار إسلام، يؤذن فيها يقام فيها الصلاة تقام
فيها الجمع يقوم فيها الأعياد الشرعية والصوم والحج وما أشبه ذلك هذه ديار إسلام،
حتى لو كان حكامها كفارًا".
وسُئِلَ الشيخُ
الألباني عن تعريف بلاد الإسلام وبلاد الكفر وبلاد الحرب؟
فأجاب بقوله -باختصار-:
" دار
الإسلام هي الدار التي يسكنها ويقطنها المسلمون أي: أكثرهم !! ودار الكفر على العكس من ذلك، أي:
يكون سكانها كفارا وإن كان فيهم بعض المسلمين.
ثم ضرب الشيخ
مثالا: بأنه لو غزا الاستعمارُ الكافر بعضَ البلاد الإسلامية وحكموا بدينهم الكفري
فيها لا تصير بلاد المسلمين بلاد كفر !!!! وحكم المستعمر لا يجعلها بلادا غير
إسلامية".
وقال الشيخ
صالح آل الشيخ:
" ما قرره
الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله حينما سئل عن دار الكفر ما هي؟ قال: دار الكفر هي
الدار التي يظهر فيها الكفر ويكون غالبا ".
وقال الشيخ
الألباني:
" إن بلاد
الإسلام اليوم ليست كما كانت من قبل، ولكنها على كل حال هي ليست بلاد كفر، بل هي
بلاد إسلام".
سلسلة الهدى والنور
شريط رقم 771.
وسُئل الشيخ
أحمد بن يحيـى النجمي عن بلاد الإسلام، فقال:
" البلد
إذا كان يعلن فيها شهادة أن لا إله إلا الله يعلن فيها الأذان يصلى في المساجد وما
أشبه ذلك يقال بلاد إسلام". موقع
الشيخ.
وسُئل الشيخ
ابن باز عن بلاد الإسلام والكفر فقال:
" إذا غلب
عليها شعائر الكفر فهي بلاد كفر، وإذا غلب عليها شعائر الإسلام فهي بلاد إسلام،
على حسب الظاهر فيها، والغالب عليها". مقطع صوتي.
وقال ابن
القيم:
" قَالَ
الْجُمْهُورُ: دَارُ الْإِسْلَامِ هِيَ الَّتِي نَزَلَهَا الْمُسْلِمُونَ،
وَجَرَتْ عَلَيْهَا أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ، وَمَا لَمْ تَجْرِ عَلَيْهِ
أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ دَارَ إِسْلَامٍ، وَإِنْ لَاصَقَهَا، فَهَذِهِ
الطَّائِفُ قَرِيبَةٌ إِلَى مَكَّةَ جِدًّا وَلَمْ تَصِرْ دَارَ إِسْلَامٍ
بِفَتْحِ مَكَّةَ، وَكَذَلِكَ السَّاحِلُ".
أحكام أهل
الذمة (2/ 728).
وقال الشيخ صالح
آل الشيخ في شرحه على كشف الشبهات:
ثلاثة أقوال
لأهل العلم بالنسبة لتحديد دار الإسلام ودار الحرب وهي:
1- سمى بلاد الإسلام ما دام يسمع فيها الآذان.
2- لا تسمى بلاد إسلام ولا بلاد حرب، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
3- التسمية
راجعة إلى الصفة الطاغية على البلد هل هو الإسلام أم الكفر، وهذا اختيار أكثر أئمة
الدعوة النجدية.
المسألة الثانية:
متى تصير دار الإسلام دار كفر؟
فيه ثلاثة
أقوال:
القول الأول: أن دار الإسلام لا تتحول لدار
كفر أبدا !!! نص عليه الرافعي، واختاره بعض الشافعية، وهو قول فاسد.
القول الثاني: أن دار الإسلام لا تتحول إلى
دار كفر بمجرد استيلاء الكفار عليها ما دام أكثر أهلها مسلمين، وهذا هو الحق، فإن
استولى كافر بالقهر على دولة الإسلام وكان أهلها مسلمين فلا تكون دار كفر، وإنما
هي دار إسلام، ولا أعرفُ أحدا – فيما أعلم- حكم على الدار بكونها دار كفر بكفر حاكمها أو نظامها،
بل هو باطل محدث !!، وإنما يجعلون مناط الحكم مجموع شيئين
هما: «دين أهلها، وإقامة الشعائر الظاهرة فيها» كما تقدم.
فلو كانت تقام
فيها الشعائر الظاهرة وأكثر أهلها مشركون (كإمريكا، أوألمانيا، أو إنجلترا، أو
فرنسا) فهي دار كفر قولا واحدا.
ولذلك: كانت مكة دار كفر مع وجود
النبي-صلى الله عليه وسلم-وأصحابه فيها !! لشيئين:
الأول: أكثر
أهلها مشركون.
الثاني: لم يكن
للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الغلبة والقوة فلم يستطيعوا الجهر والبوح
بشرائع الإسلام الظاهرة.
وقد كانت
الحبشة دار كفر مع إسلام النجاشي حاكمها !!!!!!!! ولم يجعل إسلامُ الحاكم دارَ
الكفار دارَ إسلام؛ لأن أكثر أهلها كفار، وليس للمسلمين قوة وغلبة فيها، ولا تقام
فيها شرائع الإسلام الظاهرة.
القول الثالث: أن دار الإسلام تصير دار كفر
بارتكاب الكبائر!؛ وهذا قول طوائف من الخوارج والمعتزلة.
القول الرابع:
أن الدار ثلاثة
أقسام، وهو: إن كان للمسلمين دولة قهرها الكفار –أي محتلة- فهي دار مركبة من الإسلام والكفر، وذلك أن أهلها مسلمون
مقهورون لا يستطيعون التصرف في بلادهم، وهو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية.
والأمر كما ترى
!!، حيث لم يشترط أحد منهم الحكم بكل أحكام الإسلام حتى تكون الدار دار إسلام، ولم
يشترط أحد منهم تطبيق الحدود، ولم يجعلوا ظهور بعض الكفريات والشركيات دليلا على
كون الدار دار كفر، وإنما يحكمون عليها بمجموع شيئين، هما: «دين أهلها، وإقامة
شعائر الإسلام».
كذلك قول ابن
تيمية، فلم يجعل الدار دار كفر مع كون أهلها المسلمين مقهورين من الكفار،
وذلك كبلد "ماردين" في زمنه التي استولى عليها التتر.
بل نص غيرُ واحد من الأحناف على أن دار الكفر إذا غلب المسلمون عليها وحكموا فيها ببعض الأحكام الإسلامية تصير دارَ إسلام !!!!!!
قال ابن عابدين
في الدر المختار (4/ 175):
«وَدَارُ
الْحَرْبِ تَصِيرُ دَارَ الْإِسْلَامِ بِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ
فِيهَا) كَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ (وَإِنْ بَقِيَ فِيهَا كَافِرٌ أَصْلِيٌّ وَإِنْ لَمْ
تَتَّصِلْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ».
إذن فقول: إنَّ البلدَ التي تحكم ببعض
الشريعة وتترك بعضا، أو تحكم بالقانون الوضعي بلدُ كفر قول مبتدع، لم يقل به أحد
من أهل العلم السالفين، نعم قال به بعض المعاصرين من علماء المملكة، لكنه قول
مردود مخالف لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومخالف لكلام أئمة السلف الذين سبق
ذكرهم، ومخالف لكلام أئمة المذاهب الأربعة.
غير أنه يستلزم
من الحكم على الدار الإسلامية بالكفر لوازم باطلة، منها:
1- بلاد الكفر
تُحارب وتُفتح !!، فإذا وقف أهلها مع نظامها الحاكم، فإنهم عند مَن يكفرون هذه
الدولة موالون للطواغيت، وهذا قول خوارج العصر كداعش وغيرهم؛ حيث يكفرون الدولة ثم
يكفرون الجيوش والشعب تبعا !! بشبهة أنها بلاد كفر.
2- لا بد من
الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، فأين هي بلاد الإسلام؟ !!!!!!! ليست
موجودة على هذا القول الباطل، والهجرة واجبة، فَلْتهاجروا إذن.
3- هناك كثير
من الأحكام الفقهية تتغير بتغير الحكم على الدار لا يَعرفها كثير من السفلة الصعاليك
الذي يكفرون المسلمين بغير مُكَفِّرٍ.
فإلى الله المشتكى
وهو حسبنا ونعم الوكيل
وكتب / أبو زياد محمد بن سعيد البحيري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق