رأيت أحمد بن عمر الحازمي سُئل عن النصب بـ (لم) فأنكر ذلك ضاحكا كأنه يسخر من السائل، وليته قال: الله أعلم لا أدري.
فهل بعض العرب ينصب بـ (لم)؟
اختلف النحاة في ذلك، فبعضهم قال: إن (لم) تعمل
النصب مثل (لن) على قلة، لتشابههما في النفي.
وقد حكي اللحياني عن بعض العرب النصب (بلم)
!!.
ووافقه على هذا بعض النحاة، واحتجوا بقراءة (أَلَمْ
نَشْرَحَ لَكَ صَدْرَكَ) بفتح الحاء !!.
قال ابن سيده في المعجم:
فإنه أراد النون الخفيفة، ثم حذفها ضرورة فبقيت
الراء مفتوحة، كأنه أراد: يقدرون. وأنكر بعضهم هذا فقال: هذه النون لا تحذف إلا لسكون
ما بعدها، ولا سكون هاهنا بعدها.
وبنحوه قال ابن مالك في شرح الكافية:
زعم بعض الناس أن النصب بلم لغة؛ اغترارا بقراءة
بعض السلف: "أَلَمْ نَشْرَحَ لَكَ صَدْرَكَ" بفتح الحاء.
وبقول الراجز:
في أيّ يَومَى من الموت أفِر ... أيَومَ لم يقدَرَ
أم يوم قُدِر
وهو عند العلماء محمول على أن الفعل مؤكد بالنون
الخفيفة، ففتح لها ما قبله، ثم حذفت ونويت.اهـ
قلتُ:
فجعلوا أصله: نَشرَحَن، ويقدرَن، ثم حذفت نون التوكيد
الخفيفة وبقيت الفتحة دليلا عليها، وقد اعترض بعضهم على هذا التوجيه بأن فيه شذوذين:
توكيد المنفي بلم، وحذف النون لغير وقف ولا ساكنين.
وحمل بعضهم الفتح في الآية والبيت على أنها اتباع
للفتحة قبلها أو بعدها.
كما قال ابن جني:
والذي أراه أنا في هذا: وما علمت
أن أحدا من أصحابنا ولا غيرهم ذكره ، ويشبه أن يكونوا لم يذكروه للطفه، وأن يكون أصله:
أيوم لم يقدر أم بسكون الراء للجزم ، ثم إنها جاورت الهمزة المفتوحة . وهي ساكنة وقد
اجرت العرب الحرف الساكن ، إذا جاور الحرف المتحرك ، مجرى المتحرك ، وذلك في قولهم
: فيما حكاه سيبويه من قول بعض العرب ، الكماة والمراة ، يريدون : الكمأة والمرأة ،
ولكن الميم والراء لما كانتا ساكنتين ، والهمزتان بعدهما مفتوحتان ، صارت الفتحتان
اللتان في الهمزتين كأنهما في الراء والميم ، وصارت الميم والراء كأنهما مفتوحتان ،
وصارت الهمزتان لما قدرت حركتاهما في غيرهما كأنهما ساكنتان ، فصار التقدير فيهما
: مرأة وكمأة ، ثم خففتا فأبدلت الهمزتان الفين لسكونهما وانفتاح ما قبلهما ، فقالوا
: مراةٌ وكماةٌ ، كما قالوا في رأس وفأس ، لما خففتا : راس وفاس.
وكتبه / أبو زياد محمد بن سعيد البحيري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق